لسنا بحاجة إلى تقارير دولية تذكرنا بأننا نواجه تحديات سياسية واقتصادية؛ فواقع الحال منذ سنوات يقول إن هذه أهم وأخطر التحديات التي تواجهنا، مضافا إليها الفساد والمحسوبية من قبل مجموعة تعودت تقديم نصائح وإرشادات وحلولا سحرية لصناع القرار، وتدافع عن امتيازاتها ومبررات وجودها، وتحرص على مهاجمة الناس في كل مكان تجد فيه مجالا لمهاجمتهم، على اعتبار أن هذه المجموعة منزهة عن الأخطاء، فيما باقي الشعب رعاع لا يفهمون حقيقة ما يجري.
وعلى قاعدة أن “الإفرنجي برنجي”، وخصوصا أن الفئة التي تعودت تقديم الأمور على أنها على خير ما يرام مسكونة بالغرب ونصحه وإرشاده وتعليماته التي هي بالنسبة لهذه الفئة أكثر من مقدسة، ورغباته أكثر من أوامر، نتساءل: ماذا سيكون رد هذه الفئة على تقرير الاتحاد الأوروبي الذي يشير فيه إلى أن الأردن يواجه عددا من التحديات السياسية والاقتصادية الناجمة عن “عدم الاستقرار الحكومي”، مشيرا بهذا الصدد إلى تعاقب ثلاث حكومات خلال 9 أشهر؟
التقرير الذي حصلت “الغد” على نسخة منه، يصف العام 2011، بـ”عام التحديات للأردن” على المستويين السياسي والاقتصادي، مشيرا إلى أن هذا العام شهد أيضا، ما وصفه بـ”بعض الإصلاحات السياسية المشجعة، بخاصة التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان في شهر أيلول الماضي”.
التقرير يدعو إلى تكثيف جهود محاربة الفساد، كونه يعيق تقدم البلد سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ويوصي أيضا بتعزيز استقلال وحياد القضاء وقدراته الإدارية، بما في ذلك الاستقلال المالي والإداري للمجلس القضائي.
وكذلك، يدعو التقرير إلى منع أي نوع من التدخل في منافذ الأخبار العامة وعلى الإنترنت، من أجل ضمان حرية الصحافة؛ والمصادقة على الاتفاقية الإقليمية حول قواعد المنشأ الأورومتوسطية، ومواصلة التقارب التنظيمي لدعم الجهود الرامية إلى زيادة الصادرات، وتحضير اتفاقية حول تقييم المطابقة والقبول للمنتجات الصناعية، وصولاً إلى اتفاقية عميقة وشاملة للتجارة الحرة.
كما يدعو التقرير إلى تنفيذ الخطط المتبناة أخيراً لتحسين الرقابة الداخلية، وسيطرة مكتب التدقيق والرقابة في وزارة المالية، والاستمرار في تطوير مصادر الطاقة المتجددة.ملخص ما جاء في التقرير هو ما ندعو إليه من سنوات طويلة، ولكن جيش “الهتيفة” يحاول بكل الوسائل الممكنة فرملة الحديث عن هذه الموضوعات، ويصور الوضع على أنه سمن على عسل.
وهذا التصوير الساذج والمدفوع الثمن للواقع الحالي كلفنا وسيبقى يكلفنا الكثير، والاستمرار في نهج “الطبطبة” والاستماع إلى النصائح المدفوعة الثمن لن يغير من حقيقة المشهد الذي يؤكد أن حجم التحديات التي نعيشها كبير وخطير، وليس هناك مجال لإخفاء حقيقة الأمر.التقارير الدولية بالنسبة لهؤلاء الناصحين، والذين يعتقدون أنهم يمتلكون مفاتيح الحقيقة، تشكل مأزقا حقيقيا لكل الدعايات المضادة التي ينشرونها.
لذلك فردود فعلهم عليها لن تكون بنفس الحدة التي يتم التعامل بها مع الحالة الوطنية التي عبر عنها الحراك الشعبي والمثقفون وغيرهم من فئات المجتمع التي تبحث عن خلاص حقيقي لحالة المراوحة التي نعيشها، لأنهم هم الناس الحقيقيون الذين يعبرون عن نبض البلد ويخافون عليه.
الغد