انطلاقاً من فكرة جائزة «الملكة رانيا للمعلم المتميز» التي تهدف الى النهوض بالعملية التربوية في المملكة، وتوفير المناخ الملائم للمعلمين باعتبارهم من اهم عناصر المعادلة التعليمية، يجب على وزارة التربية والتعليم معالجة مشاكل المعلمات في المدارس الخاصة وما يعانينه من هضم لحقوقهن الأساسية وتغييب لمطالبهن المشروعة من قبل بعض مالكي المدارس الخاصة ، والذين لا يلتزمون بالحد الادنى للأجور ولا يشملون موظفيهم بمظلة التأمين الصحي والإجتماعي ، علاوة على حرمان العديد من المعلمات من الإجازات المرضية أو السنوية أو حتى اجازات الامومة التي تعتبر حقا مكتسبا لهن .
هذا الواقع المرير لشريحة المعلمات في المدارس الخاصة يتطلب تحرك المسؤولين والمفتشين من وزارة العمل ووزارة التربية والتعليم ومؤسسة الضمان الإجتماعي للحد من تغول بعض مالكي تلك المؤسسات التعليمية الخاصة، وذلك بمراقبتها وضبط المدارس المخالفة منها، سيما وأن عدد العاملين في القطاع التعليمي الخاص من الذكور والإناث يتجاوز (14000) معلم ومعلمة حسب إحصائية مديرية التعليم الخاص، حيث بلغت رواتب بعض المعلمات ( 90 ) ديناراً فقط، ، الأمر الذي يعكس الصورة المهمشة لهن خصوصاً في ظل الاوضاع الإقتصادية الصعبة وارتفاع تكاليف الحياة .
90 ديناراً لأربعة أشهر
ميساء احدى المعلمات في القطاع الخاص، روت قصة معاناتها مع إحدى المدارس الخاصة واشارت انه نتيجة لحاجتها الماسة للوظيفة بعد تخرجها من الجامعة بتخصص تربية طفل ولشح الشواغر في المؤسسات التعليمية لجأت لتقديم طلب في احدى المدارس الخاصة ، حيث تم احتساب راتب 150 ديناراً لها وذلك حسب الاتفاق مع مديرة المدرسة، ولكنها تفاجأت عند استلام راتبها بأنه لم يتجاوز مبلغ « 90 « ديناراً فقط ، الأمر الذي جعلها تفكر بترك المدرسة وفسخ العقد بينهما بعد نهاية الفصل الدراسي ، وهذا كله نتيجة لغياب أدنى الحقوق المشروعة مع غياب كامل لمظلة التأمينات الصحية والإجتماعية.
تهديد بالفسخ
أما المعلمة ربى فتقول انها إحدى ضحايا المؤسسات التعليمية الخاصة حيث يتم التهديد بفسخ العقد المبرم مع المدرسة عند اي طلب للحصول على اجازة سنوية او مرضية على اعتبار ان هذا حق كفلته نصوص قانون العمل الاردني ، متسائلة عن كيفية تعدي مدراء المدارس الخاصة على حق المعلم في الحصول على إجازته؟ وهل غياب الرقابة على تلك المؤسسات التعليمية الخاصة يلعب دوراً في توسيع فجوة الظلم والانتهاكات بحق المعلمات؟ وطالبت ربى المسؤولين في الجهات المعنية انصاف شريحة المعلمين في المدارس الخاصة خصوصاً بعد انشاء نقابة المعلمين التي تهدف لحماية هذه الشريحة من حالات استغلالهم من قبل بعض المدارس الخاصة.
استغلال نتيجة صعوبة الاوضاع
ولم تخف المعلمة شروق استياءها من استغلال بعض ادارات المدارس الخاصة لحاجة المعلمات للوظيفة نتيجة للأوضاع الإقتصادية الصعبة، واشارت الى انتقاص الاجور، وعدم الإلتزام بالعقود المبرمة بين الطرفين ، حيث تبقى النسخة الأصلية مع إدارة المدرسة دون ان تحصل المعلمة على نسخة من هذا العقد ، لافتةً أنها وضعت حداً لمعاناتها عندما قررت عدم الاستمرار بالعمل في مؤسسة تعليمية خاصة لم تكفل لها أدنى حق مكتسب وهو الحد الادنى للأجور.
الرواتب وصلت للهاوية
نقيب المعلمين مصطفى الرواشدة، طالب بتنفيذ نصوص العقود المبرمة ما بين المعلمات في المدارس الخاصة وما بين مدراء تلك المدارس، مبيناً ان بعض المعلمات وصلت رواتبهن الى الهاوية، اي بحدود 80 -90 دينارا شهرياً فقط ، حيث يعتبر ذلك مخالفا لقانون العمل الاردني، لافتاً الى أن مطالب المعلمات في المؤسسات التعليمية الخاصة هي مطالب مشروعة ومن حقهن الحصول عليها، ومنها حق الإلتزام بالحد الأدنى للأجور وحل اشكالية الإجازات سواء السنوية أو المرضية او اجازات الأمومة، بالإضافة لضرورة الإلتزام بإشراك العاملين في تلك المؤسسات الخاصة بالضمان الإجتماعي والتأمينات الصحية التي تكفل حق العامل وذويه في جميع الظروف.
انتهاكات صريحة
وحول دور نقابة المعلمين في هذا الجانب، أكد الرواشدة أن عمر النقابة حديث، مضيفاً أنه لغاية الآن لم يتم تجهيز موقع النقابة الذي تم استئجاره على شارع المطار مؤخراً ، مبدياً استعداده لبحث اوضاع المعلمين والمعلمات في القطاع الخاص ومحاولة المساهمة في حل مشاكلهم ومعالجة الصعوبات التي تواجههم، علاوة على السير بإجراءات العضوية للمعلمين في القطاع الخاص للذود عن مطالبهم قانونياً، سيما وأن قضيتهم أصبحت تشكل أنتهاكاً صريحاً لحقوقهم الضائعة، متمنياً من بعض أصحاب المدارس الخاصة المخالفة التعاون وتفعيل العقود المبرمة والإلتزام بالحد الادنى للأجور.
انتقاص للأجور
من جهته ناشد رئيس اتحاد نقابات العمال الاردني مازن المعايطة المسؤولين في وزارة التربية والتعليم النظر بقضايا المعلمين والمعلمات في المدارس الخاصة بصورة سريعة، لاسيما المتعلقة منها بالاجور، بالاضافة للتأمين الصحي واشراكهم بالضمان الاجتماعي وتحويل الرواتب للبنوك حتى لا يفسح اي مجال لادارات المدارس بالتلاعب والتجاوز بها ، وبين المعايطة ان اختلال ميزان العرض والطلب في المؤسسات التعليمية الخاصة وارتفاع نسب البطالة في المجتمع، وخصوصاً في القطاع النسائي جعل بعض اصحاب المدارس الخاصة يستغلون الظروف الاقتصادية الصعبة للعاملين فيها وذلك بانتقاص الاجور، وهذا يشكل انتهاكا لحقوقهم، مشيراً الى ان هناك تحايلا على قانون العمل الاردني من خلال التوقيع على عقود وهمية بين الطرفين دون ادنى التزام حقيقي ببنودها.
ظلم واجحاف
من جهتها رفضت مديرة التعليم الخاص بوزارة التربية والتعليم الدكتورة سلوى أبومطر أي شكل من أشكال الظلم والإجحاف بحق أي معلم أو معلمة في المؤسسات التعليمية الخاصة، مبينة أن الوزارة تعمل بمؤسسية وشفافية حيث تهدف لتقديم خدمات ذات جودة عالية لمتلقي الخدمة، لافتة أنه من حق العاملين في المدارس الخاصة الحصول على كافة الحقوق والإمتيازات حسب قانون العمل الاردني من حيث الرواتب والإجازات والإشتراك بالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي.
مصلحةالتعليم أولاً
وأضافت أبو مطر أنه وعلى الرغم من عدم مسؤولية مديرية التربية والتعليم الخاص عن هذه القضايا ما بين الهيئة التدريسية ومالكي المدارس الخاصة، إلا ان المديرية لا تتنصل من مسؤوليتها تجاه الطلبة والمعلمين والمعلمات في القطاع الخاص لإيمانها المطلق بضرورة تكامل الأدوار وحل كافة القضايا العالقة بما يحقق مصلحة النظام التربوي الأردني ورعاية مصالح كافة أطراف العملية التعليمية.
لجان متابعة يومياً
وعن تشكيل مديرية التربية والتعليم لجان لمتابعة المؤسسات التعليمية الخاصة، أكدت ابومطر أن هناك لجان متابعة بشكل يومي لمراقبة سير العملية التعليمية، وكذلك التحقيق في الشكاوى التي ترد إلى المديرية، وتوجيه العقوبات المناسبة للمؤسسات التعليمية الخاصة المخالفة للقوانين والأنظمة والتعليمات، مبينة أن عدد المؤسسات التعليمية الخاصة (493) مدرسة ويبلغ عدد الطلبة في المدارس الخاصة ( 192000 ) طالب وطالبة وعدد المعلمين والمعلمات في المدارس الخاصة (14000).