محمد، البدارين، يكتب ل، “الاصلاح نيوز” / :
،،حسب دراسة اكاديمية للدكتور مهدي عبدالهادي عام 1988 ، بعنوان الانفصال الاردني ، فان قرار فك الارتباط (الانفصال)قد وضع الفلسطينيين في الاردن امام امتحان
محمد البدارين
صعب ، فهم اما ان يكونوا فلسطينيين فقط في الاردن ، واما ان يطالبوا بان يكونوا فلسطينيين واردنيين في نفس الوقت ، واما ان لا يتخذوا بصورة مؤقتة اي موقف ، وتتوقع الدراسة من التجمعات الفلسطينية في الاردن :
(استمرار المحافظة على دورهم في التطور السياسي الاجتماعي الاقتصادي الجديد، ليس من أجل التصادم مع “النظام” وعلى أرضه أو “مقاومته” خارج حدوده، بل “مهادنته” من أجل بلورة معادلة متكافئة مؤقتا، لا تتعارض مع قرار الانفصال واثاره المباشرة ، معادلة يتم خلالها، طرح وتنفيذ برنامج مرحلي تدريجي، لتراجع وانسحاب فلسطيني، من الحياة السياسية والاقتصادية الاردنية، و “العودة” بها الى أرضها الأصلية، أرض فلسطين، لاستكمال بناء مؤسسات الدولة الوطنية، “وتطمين” الانفصال وأصحابه، بأن التراجع والانسحاب، ليس بهدف “زعزعة” التركيبة الاقتصادية الحالية. وإن كانت ستؤدي الى بعض ذلك، بل لغايات التمهيد لعلاقات مستقبلية متكافئة بين القطرين: فلسطين والاردن، في “وحدة كونفدرالية” على اسس المساواة والعدالة كما قررت المجالس الوطنية الفلسطينية، وقد يكون هناك استثناء وحيد من هذه المعادلة المؤقتة، كأن تذهب بعض المجموعات أو التجمعات الفلسطينية في الاردن، الى القبول بنظرية “الاردنة” والعمل “بالاندماج” في الهوية الاردنية، واعلان الولاء لنظام الحكم، للاحتفاظ بمكاسبها ومصالحها ومواقعها، رافضة المراهنة على مستقبل مجهول في فلسطين، ولا أعتقد، أن هناك أحدا سوف يتدخل، لتغيير رأي وسلوك هذه المجموعات أو التجمعات، ليس فقط لان الفلسطينيين عمليون في قراراتهم استنادا لمعاناتهم التاريخية وتشتتهم خارج الوطن الفلسطيني، بل لان الـصـعـاب والـتـبـعـات السـلـبـيـة التي قد تترتب على عملية الاندماج أو ازدواجية الولاء، باللسان دون القلبستجعل أعداد تلك المجموعات محدودة).
بعدمرور ربع قرن على هذه الدراسة ، يبدو ان الخيار الاستثنائي المحدود الوارد ضمن توقعاتها ، اصبح هو الخيار المعتمد والسائد لدى فلسطينيي الاردن ، فعلى ضوء الخطاب المعلن لممثلي التجمعات الفلسطينية في الاردن ، فان نظرية الاردنة المشار اليها في الدراسة ، لم تعد اختيار مجموعات قليلة العدد كما كان متوقعا ، بل هي اختيار قطاعات واسعة من فلسطينيي الاردن ، ويبدو ان الباحث انذاك لم يكن يتوقع ان تظل الامور معلقة حتى عام 2012 او انها ستتراجع الى الحد الذي بلغته المعطيات الواقعية التي تفرض نفسها الان.
،فالصوت الذي يبرز حاليا في الوسط الفلسطيني الاردني تجاوز مرحلة القبول بالاردنة او التقبل او التكيف او (ازدواجية الولاء) على حد وصف الباحث ، بل قد يكون حسم امره بصورة نهائية من اجل حقه في المواطنة الاردنية التامة ، حيث تأخذ هذه المسألة بعدا حادا وشديد الوضوح في قضية الارقام الوطنية والجنسية ، بشكل يسمح بالاستنتاج بان هناك رأيا فلسطينيا عاما في الاردن يعبر عن مطالبه الوطنية في الاردن او حقوقه في الدولة الاردنية وينأى بنفسه عن المعطيات الفلسطينية او ينفصل عنها.
واذا كانت هذه الخطابات المتدفقة في عمان تعبر فعليا عن حقيقة رأي الاردنيين من اصل فلسطيني عموما ، فان هذا الوضع يفرض عوامل اضافية قد تزيد من تعقيدات ما هو معقد اصلا ان لم يتم التعامل معها بما تستحق من اهتمام ، فالعقدة التاريخية المزمنة الناتجة بالاساس عن صراع مركب احد اعراضه فقط صراع فلسطيني اردني او فلسطيني فلسطيني ، لم يعد فلسطينيو الاردن مستعدين لانتظار حلها ، او انهم باتوا يدركون ان لا امل بحلها.
فالمعروف ان كل الاطراف المعنية كانت قد راهنت سابقا على الزمن ليحل المشاكل ، اما لقلة حيلتها واما لانها تعتقد ان الزمن يعمل لصالحها ، فتم تأجيل كل المشاكل المستعصية الى المستقبل الذي لم يأت رغم طول الانتظار ، فالعقد او قضايا الحل النهائي كانت مؤجلة منذ جولات يارنغ ومباحثات الاربعة الكبار حتى جولات مندوب الرباعية طوني بلير ، وتبين لنا ان بلير لا يبحث عن حل بل يبحث عن فرصة عمل بعد خروجه من الوزارة فتوسط له صديقه جورج بوش ودبر له هذه الوظيفة ذات الاسفار الممتعة ، وربما كانت هذه حالة كل الوسطاء والمتفاوضين من البداية قبل ان نتعلم بالخبرة، فيما اختار اللاعبون الاساسيون الرحيل الى العالم الاخر قبل بدء الاشواط الاضافية او ضربات الجزاء الترجيحية.
عقدة تاريخية ، لم يعد احد من المتداخلين من فلسطينيي الاردن معنيا بها ، بل هو معني، بما يريده من الدولة الاردنية ، ،فالمطلوب بوضوح هو حقوق المواطنة التامة ، حيث يقول اصحاب هذا الرأي ان دولة الاردن اردنتهم ثم تركتهم معلقين وهم يحذفون كل الحجج المضادة مهما كانت قوية ومقنعة بالنسبة لغيرهم ، ويتمسكون بما يؤمنون بانها حقوقهم في المواطنة بجوازات سفر وارقام وطنية وكل ما يتبع من نواقص ينعم بها الاردنيون من اصول اخرى ، فالكرة الان في ملعب حكومة الاردن التي لا تزال تنتظر ما تسفر عنه مفاوضات الحل النهائي المؤجلة منذ اوسلو.
لذلك نقترح ان تقرر الحكومة الاردنية سحب اعترافها بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل لفلسطينيي الضفة الغربية وتلغي قرار فك الارتباط وتعلن ان الضفة الغربية هي اراض اردنية محتلة وتطالب سلطتي الاحتلال الاسرائيلي والسلطة الفلسطينية بالانسحاب منها ، وتعيد الامور لما كانت عليه في الرابع من حزيران 1967 استنادا للقرار 242 ، وتبقى المنظمة تمثل جميع الفلسطينيين ما عدا الاردنيين من اصل فلسطيني ويحظر عليها وعلى فصائلها ممارسة اي نشاط في اوساط ،الاردنيين كافة .
بدون هذا الحل لن يشعر الاردني الفلسطيني انه مواطن حقيقي تام المواطنة في الدولة الاردنية وكذلك لن يشعر الاردني من اصل غير فلسطيني بالمواطنة الحقيقية التامة ، فكثير من حقوق المواطنة لجميع المواطنين مرتهنة منذ اربعين سنة بمواجهة اعراض المشكلة الاساسية بانتظار شيء لم يحصل وقد لا يحصل ، وبموجب هذا الحل يعاد تنظيم المملكة وفق صيغة متقدمة شبيهة بمشروع المملكة المتحدة ، ويترتب بعد ذلك على المواطنين الاردنيين ،من الاصول كافة الراغبين بالاستمرار في مواطنتهم بشكل جدي ان يحسموا خياراتهم بشكل نهائي لصالح مواطنة واحدة ، فلا داعي للاستمرار بالتعلق بهويات اخرى او اصول اخرى ، فليس للمرء من قلبين في جوفه ، لا سيما بان الخيارات متاحة لمن هو متعلق بهوية اخرى ان يتمتع بها فعليا ان هو اراد بدلا من تجزئة روحه وقلبه بين هويتين ووطنين وانتماءين !!