أدخلتا المتفجرتان الأخيرتان سوريا في لعبة جديدة بعيدة الأهداف والمرامي، فحجم التفجيرين وقوتهما تدلان على أن اللاعب ليس من قديم سوريا بل هو داخل جديد مؤثر عليها، رغم ان اهدافه تلتقي مع ذاك القديم، ليقدم الاثنان دما غزيرا سوف تتطاير عناوينه في أكثر من بقعة، تبدأ بافعانستان، ولا تنتهي ببعض العواصم العربية والعالمية.
اليوم الدمشقي الدامي قد لا يكون الأخير، وبمجرد دخوله على خط الدم السوري فإنه فتح الباب أمام اهوال التكرار بعدما ثبت ان الانفجارين اديا اغراضهما تماما واضافا على المجتمع السوري المتعب سؤالا حارا مصدره الالف كيلوغرام التي ذكرت الجميع بتلك المتفجرة التي قتلت رفيق الحريري، بل انها كثيرة الشبه بها مما يدفع الى التساؤل عمن يقف وراء المتفجرتين.
بعد تلك المتفجرة ليس ماقبلها .. المعنى العميق ان نظرة الخارج للداخل السوري باتت مقتنعة بصعوبة اسقاط النظام عبر كل المحاولات التي ثبت فشلها، فكاد لابد من تغزير الدم السوري من خلال لعبة كبيرة تهز المجتمع وتجعله أسير خوف مركز في عقله ووجدانه، وخصوصا عندما يهز العاصمة السورية في أماكنها الحساسة كما فعلت المتفجرتان الاخيرتان.
القيادة السورية تقرأ جيدا مايرسل اليها عبر هذا النوع من البريد القاتل والدامي .. بل هي تعلم علم اليقين المصدر الذي أمر والآخر الذي حمل المتفجرتين والثالث الذي نفذ والرابع الذي ظل مراقبا حتى لحظة التفجير. لايمر هذا النوع من التفجير على قيادة لها خبراؤها في هذا المجال، ولها اساتذة في قراءتها ومعناها، وهي التي عانت طويلا سواء داخل سوريا في السابق او داخل لبنان، او من خلال مايجري في العراق من وجه للشبه. لذلك، سارعت تلك القيادة الى طرح سؤالها الاعلامي عن التفجير وهي تعرف سلفا رأي شعبها الذي سيطالب بالرد الفوري على كل من شارك بالعملية الدامية، فالناس يعرفون ان دولتهم تعرف وعليها ان تثأر لشهدائهم، بل ان تقول لكل مشارك في الدم السوري ان ثمة من سيلاحقه ان عبر القانون او عبر العدالة رغم انها ميتة، او بطرق أخرى ملائمة.
ان من قرأ ردود افعال الشعب السوري وسمعها وهي تلعن اسماء وشخصيات وقيادات وتحملها المسؤولية، لايمكنه التفاجؤ بان الناس صادقة ولو بشكل عفوي، لكن ذلك لايعني انها ضبطت الحقيقة وما قالته هو عين الحقيقة ايضا.
لانعرف ردود افعال القيادة السورية التي قرأت المتفجرتين جيدا، لكن الممكن قوله، انها قد لاتسكت، وهي مطالبة من شعبها على الاقل بتأمين الحماية له أن تذهب بعيدا في خياراتها الصعبة طالما ان اللعبة الجديدة جاءت على هذا النحو وهي انذار بتكرارها مرات ومرات.
