لقد استقر في الفكر التنظيمي الدولي انه لا يكفي ان يكون للمنظمة الدولية اهداف فقط، ايا كانت سعتها او شمولها او سموها، اذ لا بد من ان يكون لها ايضا مبادىء محددة ترسم آلية تنفيذ هذه الاهداف وتبين الطرائق التي يجب سلوكها. وبذا تكون المبادىء معالم لطريق الاجراء والانجاز. ومن المعروف ايضا ان اي كيان سياسي قانوني، كالمنظمة الدولية، يعجز عن تحقيق اهدافه، عند وجود مجموعة من الازمات والمشكلات والمعوقات وتناقضات المصالح وتفاسير الاحكام. وحتى يتمكن هذا الكيان من تجاوز ذلك فلا بد من الاستضاءة بما يعينه على رؤية هذه الصعوبات وتذليلها. فغياب المبادىء يعثر تفكير المنظمة ويحول دون الوصول الى معاني اهدافها ويجعل التقاط سمو مقصدها غاية صعبة المنال.
،واكثر من ذلك فلربما يسهم في تجزئة تفكيرها وتشعيب رؤاها. وهنا فاننا لا نغفل ان مبادىء المنظمة كونها قواعد قانونية دولية قد تسبق المنظمة في وجودها، وقد تنشئها المنظمة نفسها، وهي في الحالتين ملزمة لكل من المنظمة ولأعضائها. لذا فان المبادىء المنصوص عليها في مواثيق المنظمات او دساتيرها ليست بقواعد قانونية دولية عادية، اي مما يمكن تفسيره بيسر، وانى شاءت الدول المتعاقدة. انما هي قواعد تتسم بالإستمرار والثبات النسبيين، ولا يمكن ابدالها بقواعد اخرى، كما يجري في تبديل القواعد العادية المدرجة في الإتفاقيات او المعاهدات الثنائية او المحددة الاطراف. وهذه هي القواعد الآمرة Jus Cones في القانون الدولي. وهي مبادىء ومعايير الزامية لا يجوز وقف العمل بها او مناقضتها بمعاهدة او اذعان وهي بصفتها هذه تمثل التزام الدول تجاه المجتمع الدولي كله، وليس تجاه دولة اخرى فحسب.
لقد جاء هذا التناول، في اللحظة التي يفرز فيها الربيع العربي العديد من التساؤلات حول جامعة الدول العربية، ومواءمتها لعصر الثورة العربية.، بالإضافة إلى عاصفة من الحوارات والرؤى المتعددة حول وجوب إصلاح الجامعة العربية، لعل وعسى أن تعكس حالة النهضة العربية الشاملة التي يعيشها، اليوم الإنسان العربي. صحيح بأن، مؤسسة الجامعة العربية، تمثل العمل الرسمي الجمعي العربي الوحيد، إلا أن قصوردورها،، وإقتصاره على الدفاع عن النظام الرسمي العربي،، وإدارتها لظهر المجن، للشعب العربي، وتحولها إلى مكتب عادي يديره احد الموظفين الدوليين، أفقدتها قناعة، الإنسان العربي،،، بدورها، كمؤسسة، قومية ترعى العمل العربي المشترك.
كما يجمع المتنورون من قادة الربيع العربي بأن الخلل يكمن، في الميثاق الذي وضع منذ اكثر من سبعة وستين، عاماً(1945)، حين وضع تحت إستحقاقات انتهاء الحرب العالمية الثانية،، وتحت الضغوطات الدولية والإقليمية والمحلية الداعية الى ضرورة إقامة صيغة ما للعمل العربي المشترك، وإحتواءً لمفهوم الوحدة العربية الشاملة.
فميثاق الجامعة على سبيل المثال لا الحصر يشير الى مبدأين فقط هما مبدأ عدم جواز اللجوء الى القوة لفض النزاعات بين الدول الاعضاء (المادة الخامسة) ، ومبدأ احترام نظام الحكم القائم في كل دولة من هذه الدول (المادة الثامنة) وهذا ببساطة يعني تجذير التجزئة العربية التي فرضها المستعمر على أمتنا العربية. لذا فانه إختزل جميع المبادىء التي تنص عليها مواثيق المنظمات الدولية، وفي مقدمتها الامم المتحدة، في هذين المبدأين فقط. وتجاهل الميثاق او على احسن الإفتراضات انه لم يشر الى مبدأ الوحدة، بين الدول الاعضاء او الى مبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات، المترتبة على العمل العربي المشترك، او مبدأ، الإمتناع عن مساعدة اية دولة أجنبية تهدف إلى استباحة الأمن القومي العربي.. وهذا يعني بأن ميثاق جامعة الدول العربية بحاجة ماسة، اليوم قبل غدٍ، للإصلاح ليتواءم مع منظور الربيع العربي وشمولية أهدافه السامية..وللحديث بقية!!! ،
com.yahoo@74almajali