زياد غصن – تشرين
ما تعرضت له دمشق أمس لم يكن اعتباطياً لجهة الزمان والمكان.
فالتفجيران الإرهابيان يأتيان بعد تطورات سياسية وميدانية مهمة أبرزها نجاح سورية منذ يومين فقط في إجراء أول انتخابات برلمانية في ظل الدستور الجديد من جهة، وتعرض رئيس فريق المراقبين الدوليين من جهة ثانية لاعتداء مباشر عبر تفجير عبوة ناسفة خلال جولة له في درعا، الأمر الذي يجعل من العملين الإرهابيين وبقوتهما التفجيرية (الأكبر حتى الآن) رسالة واضحة مفادها أن الجهات والدول المتورطة في الأحداث السورية مستمرة في تصعيدها ودعمها للعمليات الإرهابية، وتوفير ما تحتاجه المجموعات المسلحة من أموال وأسلحة، بغية المحافظة على مستوى معين من القتل والتخريب، سعياً منها لإفشال مهمة المبعوث الأممي كوفي عنان وخطته الرامية لإيجاد حل سياسي للأزمة.
أما ما يتعلق بالمكان، فكلنا يذكر أن منطقة القزاز في دمشق تعرضت في العام 2008 لتفجير انتحاري نفّذه تنظيم تكفيري إرهابي ذهب ضحيته عشرات الشهداء والجرحى، وبالتالي فإن استهداف المنطقة مرة أخرى بعد نحو أربع سنوات وبالأسلوب نفسه ورغم الإدانات الدولية التي صدرت آنذاك يضيف دليلاً جديداً إلى قائمة الأدلة، التي تؤكد تورط القاعدة والتنظيمات المرتبطة بها في سلسلة التفجيرات والعمليات الانتحارية، التي شهدتها المناطق السورية خلال الفترة الماضية.
وبالنظر إلى طبيعة التفجيرات الانتحارية التي تستهدف المواطنين السوريين الأبرياء وقوتها التدميرية الهائلة وانتشار ثقافة هذه التفجيرات جغرافياً، فإنه يمكن القول: إن بعض الدول والجهات أصبحت تفضل اليوم استخدام ورقة التنظيمات الإرهابية الإقليمية والدولية على غيرها من الأوراق، التي فشلت من خلالها سابقاً في العبث باستقرار سورية وقيادتها نحو حرب أهلية وتدخل عسكري دولي..
وهذه حقيقة يجسدها بدقة تطور الأوضاع في سورية منذ الدعوة العلنية لسعود الفيصل وحمد بن جاسم لتسليح (المعارضة) السورية وحتى اليوم، إذ تصاعدت وبشكل كبير وتيرة ونوعية الأعمال والهجمات المنفذة من قبل تنظيمات إرهابية عالمية، كما تنوعت وتعددت الأسلحة المستخدمة في تلك الاعتداءات.
إن ما تعانيه سورية من إرهاب منظم ومدعوم خارجياً يحتاج إلى ما هو أبعد من مجرد إدانات وتعاطف مع عائلات الشهداء والجرحى، فمواجهته تفرض الحاجة لتطبيق ما كانت قد أجمعت عليه الأسرة الدولية من إجراءات وقرارات لمواجهة الإرهاب ومحاربته عالمياً، بدءاً من تجفيف قنوات التمويل المالي مروراً بوقف الدعم اللوجستي والعسكري وانتهاءً بمنع وملاحقة التحريض والاحتضان الفكري والتدريبي للإرهاب.