ليس مهما أن نرى تعديلا وزاريا جديدا، سواء كان هذا التعديل شاملا أو جزئياً، لكن المهم أن نحاول بسرعة ترميم ما أفسده عدد من وزراء حكومة الدكتور كمال الجنزورى، ومن هؤلاء وزير الخارجية محمد كامل عمرو، الذى تحولت الوزارة فى عهده إلى الشىء الذى يفتقد للون والطعم والرائحة، وكيف تأتيها هذه الخصائص والمميزات وعلى رأسها وزير يخشى من ظله، يخاف الصدام.. لا يثق فى نفسه،
دائما متردد.. يعلم أن الصدفة التى أتت به إلى مبنى ماسبيرو ضمن حكومة الجنزورى لن تتكرر، وبالتالى أمسك بكرسى الوزارة بيديه وأسنانه.
الوزير يتعامل مع الوزارة بمبدأ «مش مهم»، فمهما حدث ومهما انقلبت الدنيا رأسا على عقب.. مش مهم برضه، المهم أن يظل هو على الكرسى.. مش مهم بالنسبة للوزير أن تتحول الوزارة أمام عينيه إلى جزر منعزلة لا يعلم من فيها ماذا يفعلون.. مش مهم بالنسبة له أن تنقلب الوزارة بسبب الحركة الدبلوماسية التى وصفها كثيرون بالظالمة لأنها لم تراعِ المعايير الدبلوماسية.. مش مهم أن يهدد الإداريون بتصعيد احتجاجاتهم ضد الوزير لأنه يرفض تحسين أوضاعهم سواء الوظيفية أو المالية.. مش مهم أن يخرج سفير للمرة الأولى على الملأ وينشر غسيل الوزارة وحركتها الدبلوماسية.. مش مهم كثير وكثير.. المهم أن يبقى الوزير فى مكتبه بالدور الثانى بمبنى ماسبيرو.. المهم أن تمر هذه الأيام على خير، وكله أمل أن تأتى الانتخابات الرئاسية بصديقه عمرو موسى رئيسا لمصر الثورة، لأنه فى هذه الحالة سيضمن بقاءه فى الوزارة،
فهو عندما اختير للوزارة لم يكن يعلم به أحد سوى موسى الذى رشحه للوزارة.. موسى كان يعرفه لأنه كان مسؤولا عن حملته الانتخابية.
محمد كامل عمرو يتعامل مع الوزارة وسياسة مصر الخارجية بمبدأ مش مهم غيرى أنا، مش مهم أن يبيع سفير مصر فى السعودية على الهواء ويحمله جزءا من مسؤولية تطورات الأحداث فى قضية المحامى أحمد الجيزاوى.. مش مهم أن تكون سياسة مصر الخارجية تابعة وليست قائدة.. لم نرَ منذ أن اختير عمرو وزيرا للخارجية مبادرة دولية تعيد لمصر رونقها ومكانتها، لم نرَ إلا مبادرته لحل الصراع بين السودان وجنوب السودان،
مع العلم أنها لم تكن مبادرة منه هو، وإنما جاءته بتكليف من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بناء على تقرير رفعته المخابرات العامة للمجلس، حتى عندما سافر للخرطوم وجوبا لم يكن لديه حلول للأزمة،
الحل الوحيد والذى تفاخر به هو تحرير الأسرى الشماليين الـ13 لدى الجنوبيين، لكن ظل الصراع والصدام كما هو.. عاد عمرو للقاهرة بخفى حنين.. ارتضى أن يجامله الجنوبيون بصفقة الـ13 أسيرا، لكنه فشل فى وأد الأزمة.
مش مهم عند الوزير أن تتحول قطر والسعودية وبقية دول الخليج هى الآمر الناهى فى مجريات الأحداث فى سوريا.. وتبقى مصر بعيدة عما يحدث.
معالى الوزير، مادمت تسير بمبدأ مش مهم، فاسمح لى أن أقول لك «مش مهم تكون أنت وزيرا للخارجية».