كان هناك في الجاهلية نوع من الزواج اسمه (الإستبضاع) وهو واحد من أكثر من عشرة أنواع حرمها الإسلام من أنواع الزواج، وهو أن يقول الرجل لزوجته، اذهبي واستبضعي من فلان أي إحملي منه، ولا يقربها حتى يظهر حملها، والهدف منه أن تلد غلاما فارسا ومتمتعا بصفات ذلك الرجل، وفي الخيول العربية هناك نفس الاتجاه، وهي أن تُلقّح الفرس من فرس أصيله، تحمل نفس صفاتها، وفي الأنعام هناك أيضا نوع كان معروفا اسمه «العنز الشامية» كثيرة الأولاد كثيرة الحليب وحسنة المنظر، كان التيس الشامي له أهمية في الحي لأن فيه فائدة ،أي أن هناك أحادا أو بضع أحاد من الأنواع تسيطر على الساحة لتحسين الإنتاج، والاستنساخ الحديث هو تجربة في اتجاه آخر، وهي ولادة من غير أم أو أب وهي أكثر قرباً من النوع وبالرغم من أن (النعجة دولي) جاءت ضعيفة كما قالوا إلا أنها تحمل نفس الصفات الجينية التي أخذت منها، وإذا عممنا التجربة أكثر فباستطاعتنا أن ننتج من الصنف الواحد نفس صفات مهجنة جديدة مستنسخة من بذور أقدم منها ولم تعمم التجربة لغاية الآن على البشر؛ لأن هناك محاذير أخلاقية حذرت منها الكنيسة في أوروبا، ويحذر منها علماء المسلمين في البلاد الإسلامية، وعندما قرأت قوله تعالى «حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون» وقفت عند كلمة (ينسلون) وليس (يتناسلون) فوجدت أن (ينسل) كمن يأخذ خيطا من لباس ثم يبدأ من نسل هذا الخيط فتتداعى له مجموعة من الخيوط المنسولة. وهو أقرب ما يكون إلى فكرة الاستنساخ «خلية» مأخوذة من شخص أو حيوان أو نبات، تنتج لنا مجموعات جديدة نستطيع أن ننتج منها الملايين.
في العالم العربي لم نجرب فكرة الاستنساخ البشري أو الحيواني، ولكننا برعنا في الاستنساخ الإداري أو ما يسمى بنقاط على محيط الدائرة مربوطة بالمركز ومحدودة العدد ومستنسخة، ولعل الفكرة راقت لكثير من الساسة الغربيين الذين لا يريدون مغادرة مواقعهم ويقاتلون من اجل البقاء فيها، وتستعمل كل الأسلحة الدعائية المحرمة للوصول إلى الهدف لبقاء الاستنساخ الإداري حقيقة واقعة. في هذا النوع قل أنت ما تريد ما دام أنّ ما تقوله لن يحدث التغيير في محيط الدائرة وأنا سأفعل ما أريد ما دمت لا تستطيع المقاومة أو تغيير ما افعل،وهكذا نبقى نهدر طاقاتنا الفكرية في حوارات مرسومة نتائجها ولم تتغير أدواتها.