حسناً, من الواضح أن مشروع المفاعل النووي “صَمَدَ” أمام كل الملاحظات والانتقادات العلمية الى جانب الاعلامية والخطابية أو الخليط من هذا وذاك, وسوف يبدأ تنفيذ المشروع في السنة القادمة. ومن المفيد الاشارة مسبقاً الى أن الكلام هنا لا يعني خالد طوقان الشخص بقدر ما يعني المشاريع والأفكار.
نظرياً, هناك احتمالان: إما أن ينجح المشروع ويحقق غاياته وفق تصورات الدكتور طوقان, أو أن يفشل وفق تصورات مناوئيه.
لكن مَن يخّلص البلد من حالة غياب المحاسبة? والمقصود محاسبة النهج على الأقل إن لم يكن ممكناً محاسبة أصحاب النهج أيضاً? وفي حالتنا ينبغي أن نجد في المستقبل طريقة ما, لمحاسبة أنصار المفاعل إذا فشل باعتبارهم مخطئين أو مجرمين, أو لمحاسبة خصوم المفاعل باعتبارهم مشككين ومعرقلين ومجرمين ربما.
الدكتور طوقان متحمس وواثق, ولكن لماذا لا نسأل عن تجربة البلد مع حماس وثقة الدكتور طوقان ذاته, التي شهدناها وجربناها على مر سنوات طويلة في مجال “تطوير التربية والتعليم”, وهو المشروع الذي تعرف الأردن من خلاله على الدكتور طوقان وتوجهاته وخبراته, والذي من أجله كان الدكتور يعبر من حكومة لأخرى بكل ثقة بينما كان زملاؤه الوزراء يتغيرون برفة عين, وهذه بالمناسبة حال الوزراء أصحاب المشاريع والأفكار الاستراتيجية (انظروا الآن الى حالة وزير التخطيط مثلاً).
من يجرؤ اليوم على الدفاع عن “اتجاه التطوير” الذي أحدثه الدكتور طوقان في التربية والتعليم في الأردن? في التطبيق الميداني فإن أغلب الأفكار والخطوات والتجارب التطويرية هي الآن مثار تندر في أوساط المعلمين والطلاب, وعلى العموم لا يزال التجريب (لماذا لا نقول التخريب?) في التربية قائماً.
ويكفي أن نتذكر العناوين التي يتداولها الناس الآن: هل نتحدث عن الأمية الجديدة عند الطلبة وهم على مقاعد الدراسة? هل نتحدث عن تراجع هيبة وكرامة المعلم وهو ما شكل ميداناً لاحتجاجاتهم? هل نتحدث عن هذا الانقسام المرعب بين مدارس النخبة ونخبة النخبة من جهة, ومدارس باقي البشر الأردنيين من جهة أخرى? هل نتحدث عن التخبط في مجال امتحان الثانوية العامة الذي ظل لعقود أحد أبرز محطات الانصاف بين الأردنيين من شتى الطبقات الاجتماعية?
ولكن ما علاقة ذلك بمشروع المفاعل النووي?
هناك علاقة وطيدة بالتأكيد. إنهما ينتميان الى النهج ذاته, حيث لا وسيلة للمحاسبة على “قصة فشل” قبل أن نبدأ الكلام عن “قصة نجاح” جديدة.
ahmadabukhalil@hotmail.com