سواء ثار العرب أو سكتوا دهرا بلا حراك فهم مكروهون من الغربي، واذا شئنا فهما في موقع الحسد منهم على الخير الذي يتمتعون به والحسد يؤدي عادة الى الكراهية: شمس ومطر وطبيعة عديدة التضاريس ونفط وجميع أنواع خيرات باطن إلى القيمة الزراعية ثم الموقع الجغرافي المميز. يدعي العربي كل ذلك وأكثر، يريد التفاهم مع أبناء الغرب فلا يجد منهم سوى نظرة ذات تعبير ومعنى تدلل على المعنيين اللذين مرا أعلاه.
ستظل تلك النظرة قائمة الى ان يصبح الحوار المتعادل ممكنا بين العربي والغربي. فلا الغربي سينسى انه ذات يوم أحكم قبضته على بلاد العرب وأمعن فيها تقسيما ولا العربي سينسى أن الغربي حكمه، وعندما خرج منها ، فكأنه لم يخرج بعدما زرع فيها ما يجعله موجودا وان كان وجوده المادي المباشر غير موجود. فكيف إذن سيحب الغربي العربي أو سيراه موازيا لقامته طالما أنه كان أسيره ذات يوم، وهو اليوم بأمس الحاجة إليه في الكثير من الميادين وفي العديد من الحقول. واتساءل أحيانا، إن قوة عظمى كالولايات المتحدة كيف عليها ان تنظر الى دول ضعيفة كدولنا لاحول لها ولا قوة، وهي تعرف بالتمام والكمال ماحاجتنا منها ومن غيرها من دول الغرب الذي يوازي تقريبا أكثر مانحتاجه.
اذا عرفنا تلك التركيبة المرة، فيجب ألا ننسى وجود اسرائيل التي ساعدت على فقدان الهيبة العربية ايضا، هكذا قال لي ذات مرة مستشرق الماني، مضيفا ان الملايين العربية لا تملك ما تفعله مع دولة صغيرة كاسرائيل، ومن المعيب عليها ان تلجأ دوما الى الولايات المتحدة التي هي أم اسرائيل وحاميها وناصرها وصانعها منذ البدايات والباقية على عهد اثباتها في المنطقة الى مالا يعلم أحد. اضاف أيضا ان ” ثوراتكم ” التي حصلت تؤشر الى وجدان شعبي لكنها ستظل تحت المطرقة الغربية والحاجة الماسة لكل ما يصنع في الغرب، ولفكر الغرب، ولأنسنته إن كانت موجودة.. سيظل هذا العالم العربي بمئات ملايينه مسرحا لنهب الغرب. وبرأيه، فان تقسيمه بلاد العرب، ليس خيارا نهائيا بعدما فكر بتقسيم المقسم ثم تقسيمه الى أجزاء، هو سيتمكن من العرب كيفما كانوا وكيفما أصبحوا. كان أحد وزراء خارجية اميركا يقول لانحتاج كثيرا للسوق الخارجي لتصريف الانتاج الاميركي نظرا لحاجة الداخل الأميركي الى ما نصنعه ويكاد لايكفينا، إنما يجب ألا نفقد سوق السلاح العربي وعلينا ان نصنع لهم دوما العدو الذي يجعلهم اسرى له.
كيفما كنا وكيف سنكون فهم يكرهوننا.. كيف لا وقد بات العربي لايحب أخاه في لغة الضاد، ويخافه، يتمناه ان يظل بعيدا، واذا ما اقترب فكل الحذر منه. اما بعض دول العرب، فهي مغلقة على نفسها رغم أن الإعلام اجتاحها وكسر حدودها بانتظار ماهو أدهى.