الاضراب الذي ينفذه العاملون في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الاونروا” يمثل جانبا من التصعيد الاحتجاجي على ادارة هذه الهيئة الدولية, بعد ان ادارت الظهر على مدار سنوات عديدة لغالبية المطالب المشروعة التي يتقدمون بها من اجل تحسين اوضاعهم وتطوير المرافق الخدمية في ال المتواجدة على ارض الاردن, متذرعة بالازمة المالية حينا وعدم استجابتها للضغوط حينا اخر مما يزيد من معاناة اللاجئ الفلسطيني الذي يدفع وحده ثمن مؤامرات دولية لا تنقطع على حقه في العودة إلى ترابه الوطني ! .
من المفارقات التي يشهدها قطاع وكالة الغوث هذه الايام انه في الوقت الذي يتم فيه سد الابواب امام اية مساع لمعالجة النزاع القائم حاليا مع اتحاد العاملين والذي ادى إلى اغلاق كافة المؤسسات التابعة لها في عشر , ان ادارتها لم تتردد في الوقت ذاته عن تنظيم احتفالات ومهرجانات تتضمن العابا بالطائرات الورقية وغيرها من مظاهر فرح على مصائب اللاجئين, حتى ان اللجنة التنفيذية لمعلمي الوكالة اضطرت الى اصدار بيان وصفت فيه مثل هذه الاستعراضات في غير اوانها بانها ليست سوى مجرد “رقص على الجراح” ! .
لم يلجأ العاملون في “الاونروا” إلى اسلوب الاضراب إلا بعد ان وجدوا تجاهلا تاما من قبل ادارتها في الاردن ومرجعيتها التابعة لهيئة الامم المتحدة واستنفذوا جميع الوسائل الاخرى في التباحث معها بلا جدوى, حتى انهم اعلنوا عن نزاع عمل معها على اثر عدم ترحيبها برئيس مؤتمر اتحاد العاملين الذي جاء إلى عمان ليقوم بدور الوسيط لحل الخلاف بين الطرفين, الا ان رد الادارة العامة كان سلبيا حيث اخبرته انه لا توجد نتائج مسح نهائية لاوضاع العاملين حتى هذه اللحظة, مع انها وعدت باعلانها منذ فترة طويلة, مما يؤكد ان النية مبيتة من اجل عدم تلبية اية مطالب مهما كانت محقة ! .
تصر ادارة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين على ترديد اصداء معزوفة مزمنة في مواجهة التراجع المتسارع في الخدمات المقدمة لابناء ال وتآكل دخول مختلف العاملين فيها بما يؤدي الى تدني احوالهم المعيشية في ظل ظروف اقتصادية تزداد صعوبة يوما بعد اخر, حيث لا تمل من قول العبارة المكررة دوما بانه لا توجد ميزانية لتلبية مطالب هؤلاء في الاردن, وانها تعاني من عجز حتى نهاية العام الحالي 2012م, دون ان تكلف نفسها مسؤولية السعي نحو دعم مواردها من قبل الدول المانحة بل انها لا تجد سبيلا في مواجهة ذلك سوى التضييق على اللاجئ الفلسطيني الذي اصبح ظهره الى الحائط من كثرة ما تحمل من ضغوط قاسية في معيشته وخدماته ! .
يبدو ان ادارة “الاونروا” عازمة على افشال كل محاولات العاملين لديها من اجل نيل مطالبهم العادلة, من خلال اعتماد اسلوب الشلل العام الشامل في خدمات ال وعدم تلبية احتياجات ابنائها في التعليم والصحة والتغذية وغيرها, متذرعة بأن اضرابات العاملين هي السبب وراء كل ذلك, في حين كان الاجدر بمسؤولي هذه الوكالة الدولية ان ينفقوا ما يتوفر لديهم من اموال على خدمة اللاجئ الفلسطيني وتحسين اوضاع العاملين, عوضا عن صرفها على مجالات احتفالية لا معنى لها في ظل هذه الظروف, ويظل ابلغ تعبير عنها هو المزيد من حلقات الرقص على الجرح النازف على مدى اكثر من نصف قرن ! .
العرب اليوم