هل تقتصر مهمة حكومة الطراونة الانتقالية على «تعبيد» الطريق نحو الاصلاح؟ هذا – بالطبع- هو جوهر كتاب التكليف، لكن المهم هو كيف سيتم ذلك ومتى ستنتهي منه؟
خطة الرئيس كما كشفها في لقائه مع الكتل البرلمانية يمكن تلخيصها كالتالي:
1- تعيين اعضاء الهيئة المستقلة للانتخابات.
2- ابقاء قانون الانتخابات في مجلس لنواب مع الدعوة الى فتح حوار حوله يشمل الجميع ولا يقتصر على الاحزاب «والنخب» فقط مع التذكير بان «الصوت الواحد» لم يدفن بعد.
3- اقفال باب الحديث عن اية تعديلات دستورية لان التعديلات التي اقرت مؤخرا «حالة ثورية اكثر منها اصلاحية».
4- مواجهة الازمة الاقتصادية من خلال رفع الدعم عن بعض المواد التموينية واعادة توجيه الدعم الى مستحقيه فقط.
5- ابقاء موعد اجراء الانتخابات البرلمانية «معلقا» بانتظار اقرار القانون واستكمال الاستعدادات الاخرى مع التذكير بمسألتين اولاهما: «ان جلالة الملك وجه الحكومة لاجراء الانتخابات خلال العام الحالي، وحينما يدعو الملك لاجراء الانتخابات فهذا موقف جلالته والملك دستوري وحامي للدستور»، والمسألة الاخرى تتعلق «بالسرعة والنوعية» «فالحكومة تريد السرعة وليس التسريع والسرعة ليست على حساب النوعية ولكن لا نريد الابطاء».
حين تدقق في «الخطة» تكتشف ان مهمة الرجل ليست سهلة، فأمامه ثلاثة تحديات جوهرية: اولاها تتعلق بالوصول الى توافق وطني حول «قانون الانتخاب»، ومن وجهة نظر الرئيس ان هذا التوافق يحتاج الى سؤال الناس في كل المحافظات عن «القانون المطلوب» وعدم الاكتفاء بالحوار مع النخب في العاصمة، ولنا ان نتصور كيف يمكن «استفتاء» الناس على القانون؟ وكيف سنقنع القوى والاحزاب –ومنهم الاسلاميون- بالمشاركة وتجنب قرار المقاطعة؟ ومن هو الطرف الذي سيتولى ادارة الحوار: الحكومة ام البرلمان؟ ثم ماذا عن «توصيات اللجنة الوطنية» التي شكلت في عهد حكومة البخيت؟ هل يمكن العودة اليها ام ان النقاش سيدور حول «مشروع القانون» بصيغته التي اصبحت «ملكا» لمجلس النواب.
اما التحدي الثاني فيتعلق «بالازمة الاقتصادية» واعتقد ان من واجب الحكومة ان تتعامل معها بمنطق اخر بعيد عن «التصورات المطروحة» المتعلقة برفع الاسعار او رفع الدعم، بمعنى البحث عن «حلول» اكثر جدوى تحدّ من عجز الموازنة وثقل المديونية ولا تمسّ مستوى المعيشة للاغلبية التي اصبحت تئن من الغلاء والفقر؟ اما كيف؟ فيمكن للرئيس ان يستعين «بنخبة» من فقهاء الاقتصاد لوضع خطة اقتصادية بديلة تراعي اولويات الموازنة واولويات الناس، وتتجاوز مسألة «الاجراءات» الفورية الى «الحلول» المتدرجة والمقنعة، ولا يمكن –بالطبع- ان يقتنع الناس بذلك الا اذا رافقته خطة اخرى تتبنى فتح ملفات «الفساد» ومحاسبة المسؤولين عنه واعادة الاموال «المنهوبة» الى الخزينة.
التحدي الاخير يتعلق بتقدير «الموقف العام» للحكومة من «الحراكات الشعبية» وكيفية التعاطي مع «مطالبها» التي قال الرئيس بأن «قسما كبيرا منها مشروعة» وهنا يفترض ان يتولى فريق من داخل الحكومة مهمة فتح حوارات سياسية مع «الناشطين» في الشارع ومع «الحركة الاسلامية» التي تشكل «لاعبا» اساسيا فيه.
هل ستتمكن الحكومة من تحقيق ذلك؟ لن نحتاج الى الانتظار طويلا فأمام الرئيس «الانتقالي» مهلة لا تتجاوز الثلاثة او الاربعة اشهر، وأمامه –ايضا- فرصة –ربما- لن تتكرر لاثبات مهاراته السياسية في المراحل «الانتقالية» مع التأكيد على ان خيار الفشل ممنوع لان استحقاقاته ستكون كارثية لا قدر الله.
الدستور