تعود جذور الاحتجاجات الجارية في مملكة البحرين لعقود من الزمن، وتتعلق أساسا بموقعها الجغرافي وبنيتها الطائفية. ومع مرور الزمن تفاوتت حدة الاحتجاجات ومظاهرها وأشكالها ومطالب منظميها، وما نتج عنها من ضحايا وقرارات سياسية.
فقد شهدت الجزيرة الصغيرة تحركا شعبيا عام 1922 لإلغاء ما كان يسمى في حينه بنظام السخرة والضرائب، إذ كان حاكم البلاد يفرض ضرائب على الأنفس فوق سن 15 عاما، وتمت الاستجابة للمطلب بتدخل بريطاني.
وفي ثلاثينيات القرن الماضي بدأت تحركات شعبية عامة للمطالبة بمجلس تشريعي وهيئات محلية منتخبة، وأخرى نقابية تتعلق بأجور العمال في شركات النفط حديثة العهد في حينه، وشهدت العقود التالية محطات من الخلاف أدت إلى مواجهات طائفية.
بعد الاستقلال
وبعد استقلال البحرين عام 1971، دخلت البلاد مرحلة جديدة، حيث أجريت أول انتخابات نيابية وبلدية عام 1973، لكن سرعان ما تم حل المجلس بعد خلافه مع الحكومة، فكان ذلك بداية مشوار من الاحتجاجات المطالبة بإصلاحات تقلل سلطات الأمير (الملك بعد تحول البحرين من دولة إلى مملكة عام 2002).
واستمرت مطالب الإصلاح طوال الثمانينيات، لكنها قوبلت بالقمع أحيانا والحوار أحيانا أخرى، دون الوصول إلى نتيجة، بل اتهمت الحكومة بتقريب السنة إليها وإبعاد الشيعة، وهو ما دأبت الحكومة على نفيه باستمرار.
ومع مطلع التسعينيات وتحديدا في عام 1992 تزايدت وتيرة المطالبة بإعادة الحياة النيابية وتأسيس التنظيمات والنقابات في البحرين، فتم التوقيع على عريضة بهذا المضمون، وعريضة أخرى عام 1994، لكن السلطات البحرينية اعتقلت أبرز الموقعين عليها وبينهم الشيخ علي سلمان.
وتعتبر احتجاجات التسعينيات التي استمرت حتى 1999 الأعنف في البحرين حيث أعقبت اعتقال عدد من قيادات المعارضة مسيرات في البلاد استمرت أسبوعا كاملا، وأسفرت عن عشرات القتلى والجرحى وأعمال حرق وتخريب واعتقالات وإبعاد.
بعد تولي الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم -عقب وفاة والده عام 1999- شهدت البلاد فترة من الهدوء، حيث اتخذ خطوات للإصلاح، منها الإفراج عن المعتقلين وتدشين ميثاق العمل الوطني.
لكن سرعان ما عادت أجواء التوتر، حيث قررت المعارضة مقاطعة انتخابات 2002، لكن المعارضة انقسمت لاحقا فقرر بعض أقطابها المشاركة في انتخابات 2006، وشاركت لاحقا بشكل أوسع في انتخابات 2010.
سلسلة الاحتجاجات الأخيرة في البحرين انطلقت في 14 فبراير 2011 (الجزيرة نت)
14 فبراير
وأخذت الاحتجاجات الأخيرة المستمرة منذ 14 فبراير/شباط 2011 منحى جديدا بارتفاع سقف المطالب من الإصلاحات إلى إسقاط الحكومة بمزيد من الاعتصامات والمسيرات، وفي المقابل اتخذت الحكومة بعض القرارات لامتصاص غضب المحتجين.
فقد بدأت الأحداث بمسيرة انطلقت باتجاه ميدان اللؤلؤة في العاصمة المنامة الذي بات مقرا للمحتجين، وذلك يوم الاثنين 14 فبراير/شباط 2011، بدعوة من "شباب 14 فبراير" ثم بدأت الأحداث تتسارع، وتحولت المسيرة إلى مواجهات مع أجهزة الأمن قتل خلالها عدد من المتظاهرين.
وفجر 17 فبراير/شباط دهم جيش البحرين المعتصمين في ميدان اللؤلؤة، فسقط ثلاثة قتلى على الأقل، وعدد كبير من الجرحى، وفي اليوم التالي شهدت البلاد مسيرات ومظاهرات في مناطق مختلفة، أسفرت عن سقوط ضحايا جدد.
واستمرت الاعتصامات والمظاهرات في مختلف قرى ومدن البحرين، وصاحبها اشتباكات مع قوات الأمن، وساعد إعلان الجيش الانسحاب من ميدان اللؤلؤة على عودة المعتصمين إليه مجددا.
وفي 22 فبراير/شباط، انطلقت مسيرة وصفت بأنها الأكبر في تاريخ البحرين، تطالب –كسابقاتها- بإصلاح سياسي. فيما قرر الملك الإفراج عن مجموعة من السجناء.
امتصاص الغضب
وفي 25 فبراير/شباط، أصدر ملك البلاد مرسوماً أقال بموجبه أربعة وزراء، وسبق ذلك الإفراج عن عدد من المعتقلين السياسيين، وأسقط 25% من القروض الإسكانية على المواطنين، في حين أقرت دول الخليج دعما للبحرين اقتصاديا بمليارات الدولارات.
كما أعلن وزير الداخلية البحريني راشد بن عبد الله آل خليفة عن خطة لتوظيف عشرين ألف شخص، كما أعلن وزير الإسكان البحريني عن خطط لبناء خمسين ألف مسكن.
وفي السابع من مارس/آذار انتقلت الاعتصامات إلى مقر الحكومة البحرينية، للمطالبة بإسقاط الحكومة وتنحية رئيسها، وتكررت المسيرات في أماكن مختلفة مع المطالبات، فيما خرجت مسيرات ضخمة مقابلة تطالب ببقاء الحكومة.
ومع حلول 14 مارس/آذار 2011، دخلت البحرين قوات درع الجزيرة، وهي قوة مشتركة من دول الخليج بدعوة من البحرين لحماية المصالح الإستراتيجية وهو ما رفضته المعارضة، وفي اليوم التالي تمكنت قوات الأمن البحرينية من فض الاعتصام في دوار اللؤلؤة، وقتل شرطيان خلال مواجهات مع المتظاهرين.