أكثر من 1600 أسير فلسطيني في مختلف السجون الصهيونية يضربون عن الطعام لا لأيام معدودات، بل هو إضراب مفتوح عن الطعام لكي يقوم المحتلون القتلة بما يمليه عليهم واجبهم المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف والقوانين الدولية بشأن معاملة الأسرى. فالأسرى الفلسطينيون هم أسرى حرب وإن لم يعترف الصهاينة الغاصبون بذلك. الاحتلال يعامل الأسرى الفلسطينيين معاملة لا تليق بهم. هؤلاء الأبطال يقومون خلف القضبان كما كانوا قدام القضبان بواجبهم المقدس في مقاومة الاحتلال. والاحتلال الصهيوني هو آخر استعمار يشهده الكون، وهو أبشع احتلال كونه يقوم على انتزاع الأرض والروح من أبناء الوطن.
الكيان الصهيوني اغتصابي وإرهابي وعنصري. وإذا كانت الأمم المتحدة قد تراجعت عن قرار اعتبار الكيان الصهيوني عنصريا الذي اتخذته عام 1974 ـ فإن التراجع كان بسبب انتهاء التوازن الدولي وهيمنة الأحادية القطبية الجائرة على العالم. وها نحن نشهد اليوم بداية تشكل عالم جديد متعدد الأقطاب ببروز بريكس وظهور قوى دولية تقف في وجه الأحادية القطبية. وما الفيتو المزدوج الروسي الصيني المستخدم مرتين في مجلس الأمن الدولي حيال سوريا إلا التعبير الواقعي عن ظهور العالم الجديد الرافض للظلم والعدوانية، وهما الطابع الذي ميز سياسات العالم خلال العقدين الماضيين من تحكم الإدارات الأميركية في مقادير العالم عبر فرض ما تراه أميركا على العالم كله.
إن الإضراب عن الطعام احتجاج مميز على أساليب الاحتلال وقمعه وهو شكل نضالي ابتدعه الإنسان الحر تعبيرا منه على رفض الخنوع وتعبيرا منه على أنه يفضل الموت على المذلة والإهانة. وليس أبشع من المحتلين الصهاينة وتعاملهم اللاإنساني مع الأسرى الفلسطينيين؛ أبطال شعبنا وأمتنا والمعبرين عن قدرة ومخزون القدرة لدى الأمة العربية ومحيطها الإسلامي.
مضت أيام عدة على الإضراب المفتوح ولم نر أي استجابة رسمية عربية يمكن أن تجعل العدو يفكر كثيرا قبل الإقدام على تعذيب الأسرى بهذه الطرق: منع الأهل من زيارات الأسرى والحبس الانفرادي والإداري دون محاكمة … الخ من الممارسات التي تذكرنا بالنازية المجرمة.
مؤسف أن هؤلاء الأبطال لم يجدوا من لدن عرب الجامعة ما يجب أن يجدوه من دعم. كما أن المنظمات الدولية الإنسانية تتجاهل القيام بدورها حيالهم. وحده الشعب الفلسطيني من يتعاطف مع أبطاله الأسرى القابعين وراء القضبان، ووحده الشعب الفلسطيني يواجه هذا الصمت المريب والمتواطئ من المجتمع المسمى (دوليا).
أين مواقف المتباكين على الشعب العربي في سوريا مثلا؟ أين اجتماعاتهم؟ وأين قراراتهم وجهودهم لإنصاف المظلومين من أبطال يشرفون الإنسانية بمواقفهم وشجاعتهم في مواجهة المحتل الإرهابي؟
أليس من المنطقي أن يفعل عرب الجامعة شيئا؟ ألا يهدد الموت أكثر من 1600 من أبناء جلدتهم ومن رافعي رؤوسهم؟ أليس من الواجب الإنساني والإسلامي والقومي الوقوف معهم ونجدتهم؟
مؤسف ومحزن الواقع العربي الذي نشهد فيه تزاحم الاجتماعات العربية لكي يتم استدعاء التدخل الأجنبي للتدخل في الشأن السوري الداخلي مثلا، ولا نشهد اجتماعا واحدا لنصرة الحق العربي في فلسطين، وللاحتجاج على ممارسات العنصريين الصهاينة. ومحزن هذا الانقسام الفلسطيني المكرس والذي لم ينته حتى في ظل تهديد الموت لأبطال ومناضلي شعب فلسطين القابعين خلف القضبان.
نواف أبو الهيجاء*
*كاتب فلسطيني
nawafabulhaija@yahoo.com