خلافا لما هو رائج, فقد قدم الليبيون اعلاما معروفة في الفكر والثقافة والابداع العربي, مثل الروائي ابراهيم الكوني والشاعر محمد الفيتوري وخليفة التليسي وصلاح الدين بوصير, والصادق النيهوم وعلي عتيقه والمصراتي والزواوي, والاصدقاء الشعراء ادريس بن الطيب وادريس المسماري واحمد الفيتوري وغيرهم.
بيد ان ابرزهم على الصعيد الفكري, المفكر الموسوعي الراحل, الدكتور علي فهمي خشيم, وكان مجهولا بالنسبة لنا على اهمية وغزارة وعمق اعماله الا ان اتيح لنا التعرف عليه والتشرف بصداقته في احد مؤتمرات الكتاب العرب في بيروت..
ومنذ رحيله وهو يرى بلدته مصراته تقصف من قبل الناتو وانا اتحين الكتابة عنه واعود عن ذلك لانه يستحق جهدا كبيرا, الى ان قرأت على موقع الكتروني (مشبوه) كلاما عدائيا وبلا مستوى عن خشيم بوصفه – حسب الموقع – من رجال العقيد القذافي فمن هو هذا المفكر..
الدكتور خشيم, قومي عربي ناصري بأفق اسلامي ثوري… درس في ليبيا والقاهرة وبريطانيا ونال الدكتوراه في التصوف واصدر عشرات الكتب والدراسات ابرزها:-
1- دراساته واعماله حول الاصول العربية للفراعنة والامازيغ (البربر) بالاعتماد على دراساته اللغوية والمقاربات الاخرى في الفلسفة وعلم الاجتماع خاصة كتبه (الهة مصر العربية) و (في المسألة الامازيغية)..
2- كتاب (النزعة العقلية عند المعتزلة) ويرد في هذا الكتاب على القراءات الاجتزائية التي تتصيد موقفا هنا او هناك لتبرهن على وجود او عدم وجود عقلانية في التراث الاسلامي, ويرى ان الاسلام ينطوي في جوهره على العقلانية.
3- كتاب (التواصل دون انقطاع) الذي يذكرنا بكتاب المفكر والموسوعي العراقي, علي الوردي (وعاظ السلاطين) ولكن حيث توقف الوردي عند رجال الامام علي بن ابي طالب من زاوية مشابهة لكتاب علي عباس صالح (اليمين واليسار في الاسلام) فقد قدم خشيم صورتين ل¯ عبدالله بن سبأ وكعب الاحبار وهما يهوديان اسلما – حسب كتب الاخباريين – فالاول كان مقربا من الامام علي و (الشيعة) وقال بالوصاية (وصية الرسول ل¯ علي) وبالرجعة (عودة الرسول في شخصية علي) فيما كان الثاني مقربا من الخليفة عمر ثم عثمان من الامويين, ومن تلاميذه عبدالله بن عباس (احد المعنعن عنهم في الاحاديث, عن, عن..)
4- كتاب (الحركة والسكون) وهو من عنوانه يذكرنا باعمال المعتزلي (ابن سيار) والكتاب نقد لمثقفين عرب من اقصى اليمين الى اقصى اليسار, ومن ذلك نقده لسهل ادريس ومجلة الاداب في مرحلتها (الوجودية) ونقده لسعيد عقل (بعد انقلابه على اللغة العربية) ونقده لسامي الجندي بسبب اضطرابه الفكري والسياسي وغيرهم..
وبالمجمل, نحن امام مبدع وموسوعي كبير فقدنا اثره في غمرة العدوان الاطلسي على ليبيا الذي استهدف فيما استهدف مسح كل اثر معرفي عميق في ليبيا كما في غيرها من بلاد العرب..