لفت نظري كاتب تونسي يحن إلى زمن الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة .. هو لسان حال متغيرات لابد أن تنشأ بعد التغيير.. فاذا أضفنا نتائج انتخابات الجامعات التونسية التي فاز فيها العلمانيون واليساريون بنسبة 49 بالمائة ليحل ثانية بعدهم حزب زين العابدين بن علي 24 بالمائة ثم حزب النهضة الاسلامي 22 بالمائة، نكون على افتراض أن الشعب التونسي بدأ يعيد النظر بحسابات حراكه الذي أنتج ما لم يكن متوقعا له، وكلنا يعرف أن بورقيبة أسس نظاما علمانيا تونسيا، استمر تقريبا مع الرئيس المخلوع زين العابدين.
إذا أضفنا إلى هذه الظاهرة التي يجب أن تدرس باعتبارها مقدمة لما قد يحصل في تونس خلال سنوات حكم ” النهضة”، فإن شخصية مصرية قالت لي أثناء الاتصال بها، نخاف أن يحدث نكوص لدى الشعب المصري، فيترحم أكثره على زمن حسني مبارك، ستكون مصيبة بالفعل لو تمكنت الردة الى ذلك الزمن من اقتحام العقل الشعبي الذي حتى بعض شباب الإخوان المسلمين يرفضون الانصياع التام لخيارات قادتهم، فكيف بالشعب بكل مكوناته الاجتماعية اذا عرفنا ماذا يختبيء لدى الملايين المصرية.
أما ليبيا التي يفتك فيها خلال هذه الأيام قتال بين عشائرها وقبائلها، فان ملامح الانضباط الشارعي فيها مشكوك بأمره وبحصوله خلال الزمن المقبل. حملة السلاح لايريدون التنازل عنه، واذا عرفنا انشطار المجتمع الليبي بين عشائر وقبائل يدعي كل منها أحقيته بالريادة، فإننا أمام مطحنة من الحروب المستمرة امام عجز الدولة الليبية الفتية التي مازالت تحبو ولن تستطيع التحكم بمفاصل الادارة الليبية وستظل كذلك الى ماشاء الله، فان الشعب الليبي سوف يستفزه في وقت قريب ذلك النوع من العصيان المدني، وقد نجد من يترحم على زمن القذافي الذي كانت فيه ليبيا متماسكة بين محافظاتها ومدنها وقبائلها وعشائرها متفاهمة على الصغيرة والكبيرة.
أما اليمنيون فلم يقنعهم تلك اللعبة التي نفذت بعناية حين خرج رأس النظام من السلطة وبقي النظام او ماشبه له، وهي قضية تناقش اليوم بهدوء بين القوى اليمنية، وقد تسنى لي أن استمع الى قراءة من أحد السياسيين اليمنيين عن بلاده ابان الثورة على الرئيس صالح فكان فيها الكثير من المفارقات والمضحكات التي أدت الى نمو فكرة البديل مع الاحتفاظ بهيكلية النظام دون تغيير.
لابد إذن من الحنين الى الماضي.. كلما مر الزمان على هشاشة الوضع القائم، ارتد الشعب الى تاريخه لينسل منه ما كان يعجبه. هي صورة منطقية لتحولات نفسية تصيب المجتمع أمام ارتدادات الهزات التي تضربه والتي لايرى فيها حلولا منطقية او خارجة عن مألوفه.