نريد أن نأمل خيراً بأن يكون القرار الحكيم بإطلاق سراح الشباب المعتقلين- من حراك الطفيلة ومتظاهري الدوار الرابع – بداية لمرحلة جديدة عنوانها التفاعل السلمي الذي يحترم حقوق الإنسان وحرية التعبير للوصول إلى صيغة لإرساء مستقبل أفضل.
نأمل أن تسدل ستارة فصل الحلول الأمنية, بما في ذلك الاعتقالات, لأن عهدها قد ولى وأثبتت مرة أخرى فشلها في إيجاد حلول, ولكنها أسهمت بالعكس تماماً في افتعال وتفاقم أزمات واحتقانات كان الأردن بغنى عنها.
يجب أن نعي أننا نتعامل مع جيل جديد لا يفهم الخوف من الكلمة, ويؤمن بحقه في التعبير- سواء أعجبتنا مقولاته وشعاراته أم لم تعجبنا.
لا يعني ذلك أن الحراك الشعبي غير مطالب بنقاش نقدي يتناول أهمية ترشيد شعاراته وتحديد رؤى واستراتيجيات تمثل المصالح والطموحات الأوسع لأبناء الوطن-حتى يكسب ثقة اغلب الأردنيين, الذين وإن اختلفت آراؤهم, ينشدون مجتمعا يضمن المساواة بين أفراده وسيادة القانون ويتيح فرص العيش الكريم.
الحراك, مطالب بالكثير الكثير; لأن من يبدأ حركة تغيير تقع عليه مسؤولية تجميع الناس وصياغة رؤية بديلة, فالشعارات وعلى أهميتها التعبوية لا تمثل رؤية بل صرخة احتجاج ضرورية وعناوين لمرحلة مقبلة أو لحلم يؤمل تحقيقه.
أما الحكومات والأجهزة الرسمية فأمامها خيار: هو أن تفهم الرسالة وتأخذ قراراً جديدا لإجراء عملية شاملة, وليس كما بدر الآن من مؤشرات سلبية, آخرها قانون انتخاب يعكس خوفاً من مواجهة تبعات إتاحة الفرص لتمثيل شعبي حر وحقيقي وواسع وبالتالي مجلس نواب يكون حاميا لحقوق الشعب ومصالح الدولة الوطنية.
ليت كان لمسؤول واحد أو بعض المسؤولين الجرأة لزيارة المعتقلين أو الناشطين خلال إضرابهم عن الطعام في الأيام الأخيرة في مقر المنتدى الاجتماعي في جبل اللويبدة -ليستمعوا إلى النقاشات الصريحة حول الحراك وطموحات الشباب- الذي أمّه سياسيون ونشطاء وصحافيون, للتضامن معهم والنقاش في هموم الوطن.
كان هناك الكثير من الروح التضامنية والتلاحم المجتمعي, ولكن هناك أيضا الأحاديث الودية, وإن كانت لا تخلو من الجدل النقدي حول كل من السياسات الرسمية ومسار الحراك على حد سواء. فليست أقوى تأثيرا من معايشة تجربة مشاركة معاناة إنسانية وفي هذه الحالة التضامن مع المعتقلين والمضربين عن الطعام لفتح النفوس والعقول.
خلال لقاء بين الملك عبد الله بن الحسين وممثلي عشائر الطفيلة اقترحت سيدة, بجرأة لافتة على الملك زيارة الطفيلة, وأضم صوتي إليها وأتمنى أن يزور كافة أنحاء البلاد من دون استثناء لمحاورة هؤلاء الشباب – ففي عيونهم مستقبل هذا الوطن.
العرب اليوم