الإصلاح نيوز/
في العام الماضي، خشي كثير من الناس في اثيوبيا أن تتعرض البلاد لكارثة إنسانية كبرى مع انتشار موجة الجفاف في أنحاء منطقة القرن الأفريقي. ولكن اثيوبيا نجت من مخاطر المجاعة، وذلك بفضل برنامج شبكة الأمان المنتجة في البلاد الذي حمى 7.6 مليون نسمة في أكثر مناطق البلاد معاناة من نقص الغذاء.
وفي هذا الصدد، قال فولتر سوير، منسق مشروع البنك الدولي لدعم برنامج شبكة الأمان: “كانت هناك صدمة كبيرة ولم يكن من السهل التعامل معها، ولكن بفضل البرنامج فإنها لم تتحول إلى أزمة حقيقية في اثيوبيا. فقد تمكن الناس من التعامل مع المشكلة والتغلب عليها بدعم من البرنامج”.
ووفقا لتقديرات البنك الدولي، يخطط 80 % من البلدان النامية، التي واجهت أزمات متكررة على نحو متزايد في السنوات الأخيرة، لإنشاء برامج شبكة أمان مماثلة أو تعزيز القائم منها.
ويتجلى هذا الاهتمام المتزايد بشبكات الأمان والحماية الاجتماعية في القضايا التي تتناولها “اجتماعات الربيع” المقبلة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. ويتركز العديد من اللقاءات والفعاليات خلال الفترة من 16 إلى 20 نيسان (أبريل) على الجهود الرامية إلى “سد الفجوة” فيما يتعلق بالحصول على الغذاء والرعاية الصحية، والمساواة بين الجنسين، والتعليم، والتمويل، والوظائف. وسوف يتم في 18 نيسان (أبريل) الحالي تدشين استراتيجية جديدة للحماية الاجتماعية والعمل، ومن المُقرر أن تنظر لجنة التنمية المشتركة بين البنك والصندوق يوم 21 نيسان (أبريل) في ورقة عمل أكثر تحديداً، بعنوان “عمل شبكات الأمان: خلال أوقات الأزمات والرخاء”.
وتتخذ شبكات الأمان أشكالاً مختلفة، تشمل برامج شاملة مثل؛ برنامج بولسا فاميليا بالبرازيل الذي يساعد الأسر الفقيرة بمبالغ نقدية، أو برنامج النقد مقابل العمل في ليبريا الذي يوفر إمكانية الحصول على فرص العمل في مجال الأشغال العامة، أو برامج التغذية أو الإعانات الدراسية التي تهدف إلى معالجة الفجوات المؤقتة في التغذية والمساواة بين الجنسين في الالتحاق بالمدارس.
وتشير هذه الورقة إلى أن شبكات الأمان مثل؛ برنامج اثيوبيا والتغذية المدرسية في نيكاراغوا ساعدت على إنقاذ الأرواح ووفرت دخلا أساسيا للأسر، وحافظت على أطفال أصحاء يذهبون إلى المدارس خلال أزمات الغذاء والوقود والأزمات المالية. وحيثما غابت مثل هذه البرامج، عانى الناس في أحوال كثيرة من سوء التغذية واضطروا إلى بيع ممتلكاتهم وخفضوا من مستوى استهلاكهم من الغذاء والرعاية الصحية، وأخرجوا أطفالهم من المدارس.
كما تشير الورقة إلى أن شبكات الأمان تمثل أيضا استثمارات جيدة خلال أوقات الرخاء. وقالت مارجريت جروش، وهي أحد مؤلفي هذه الدراسة: “هناك الكثير من الفقراء الذين يواجهون، حتى في أوقات الرخاء، الحرمان أو الكوارث الخاصة بالأسر المعيشية مثل فقدان الوظيفة أو مرض المعيل أكثر ممن يتضررون من الأزمات الكبيرة التي تتصدر عناوين الأخبار وتلقى اهتماما إضافيا من جانب واضعي السياسات”. ولخدمة هذه الشريحة من السكان، يجب أن توفر شبكات الأمان برامج مستمرة.
وتشير التقارير الدولية إلى أن حكومات البلدان النامية لا تنفق في العادة في هذا المجال أكثر من 1 إلى 2 % من إجمالي ناتجها المحلي، وأحيانا أقل. وفي المقابل، فإن تكلفة سوء التغذية لدى الأطفال، في البلدان التي يمثل سوء التغذية مشكلة كبرى، يمكن أن تبلغ 2 إلى 3 % من إجمالي الناتج المحلي سنوياً بالنسبة لكامل حياة الأطفال، حيث يعانون أثناء نموهم من تناقص قدراتهم على التعلم، مما يعني في نهاية المطاف ضعف قدرتهم على كسب لقمة العيش.
وقد أنشأت عشرات البلدان شبكات أمان جديدة أو حسنت القائم منها منذ العام 2008. وفي العقد الماضي، اقتفى أكثر من 40 بلدا خطى البرازيل والمكسيك، باستخدام برامج التحويلات النقدية المشروطة لتشجيع الآباء الفقراء على إرسال أطفالهم إلى المدارس واصطحابهم لإجراء فحوصات طبية.
وتحصل الأمهات في الغالب على المبالغ النقدية التي يقدمها البرنامج، بناء على شواهد تفيد بأن النساء، عندما يتولين مسؤولية الإنفاق الأسري، يُحسن استخدام الأموال التي لديهن في رعاية الأطفال بشكل أفضل من الرجال.
وقالت جروش إن المدفوعات النقدية الإضافية تساعد الأسر على شراء احتياجاتها الأساسية. وعادة ما تنفقها الأسر للحصول على المزيد من المواد الغذائية الأفضل جودة، وعلى نفقات التعليم، وفواتير الخدمات والنفقات الطبية وما شابه. وفي بعض الأحيان، تزيد من فرص حصولها على التمويل الأصغر، والبذور والأسمدة وغيرها من المستلزمات الزراعية، مما يحفز النشاط التجاري.
وقالت الخبيرة ا?قتصادية بالبنك الدولي أنا فروتيرو إنه يمكن الآن لحوالي 13 مليون أسرة مستفيدة في برنامج بولسا فاميليا في البرازيل، على سبيل المثال، الحصول على الائتمان الأصغر والتدريب المهني حتى يمكنهم البدء في “كسب قوت عيشهم بأنفسهم”. وأضافت أن هذا الجهد “ما يزال قيد التجربة”.
وتبلغ تكلفة برنامج بولسا فاميليا حوالي 0.5 % من إجمالي الناتج المحلي، وهو يغطي 25 % من السكان. ويعد هذا البرنامج جزءا أساسيا من استراتيجية جعل “البرازيل خالية من البؤس،” حيث يمكن لكل فرد فيها الحصول على الخدمات الصحية، والتعليم، والإسكان، والمياه، وخدمات الصرف الصحي. وقالت فروتيرو: “برامج تحويل الدخل، على ما هي عليه من أهمية، “ليست سوى لبنة واحدة فقط” من هذه الاستراتيجية. وأشارت إلى أنه على الرغم من ثبوت كونها أداة مهمة في الحد من الفقر، فإنها ليست كافية للقضاء عليه بشكل كامل.
ومع ذلك، يقول الباحثون في البرازيل، التي تشهد معدلات نمو سريعة، إن بولسا فاميليا والبرامج ذات الصلة قد ساهمت بحوالي 25 % في خفض التفاوت في الدخل في البرازيل.
وقال جايمي سافيدرا، مدير إدارة الحد من الفقر وتحقيق المساواة بالبنك الدولي: “البرازيل بلد ينتشر به عدم المساواة بشكل كبير جدا، لكن عدم المساواة شهد انخفاضا مطردا في السنوات العشر الأخيرة. وزاد دخل الفقراء بشكل أسرع من زيادة دخل الأغنياء”. وأضاف أن أميركا اللاتينية هي المنطقة الوحيدة في العالم التي ينخفض فيها عدم المساواة في غالبية بلدانها، وإن كان ما يزال مرتفعا جداً، ويمثل تحديا رئيسيا أمام التنمية.
وقال سافيدرا إن هناك ارتباطا بين الفجوات في مستويات الدخل في المنطقة و”عدم تكافؤ الفرص” الذي يقيسه البنك الدولي باستخدام مؤشر الفرص البشرية؛ فعدم المساواة يبدأ منذ الولادة، حيث تتباين فرص الأطفال في الحصول على الرعاية الصحية والتعليم الجيد تباينا شديداً، وذلك تبعاً لمكان ولادتهم أو ماهية آبائهم. مؤكدا في الوقت نفسه على أن برامج التحويلات النقدية المشروطة تُعد سبلا أساسية للحد من عدم المساواة في الفرص، بل ويمكنها تحقيق المزيد من تكافؤ الفرص. – (البنك الدولي)