لم تمض سوى دقائق قليلة على الإعلان عن نتائج انتخابات المجلس المركزي لنقابة المعلمين التي كان “الحسم الاخواني” فيها واضحا بعد ان حصد اغلب المقاعد, بينما كانت حصة “المستقلين” متواضعة حتى بدت ملامح السخط والاستياء على وجوه المعلمين على نحو مثير للقلق بشأن مستقبل العلاقة الشائكة داخل المجلس, فقد جاءت نتائج هذه الانتخابات مخيبة لآمال الكثيرين منهم.
الأزمة التي تسببت بها نتائج انتخابات نقابة المعلمين ما كانت لتحوز على هذا القدر المتزايد من الاهتمام لولا خسارة كتلة “المستقلين” أمام تحالف “التجمع الإسلامي” الذي دخل نقابة المعلمين من جميع أبوابها, ليرسم بذلك المستقبل السياسي لها, غير أن أزمة تلوح في الأفق وتداعيات ستطفو على السطح مع أول اجتماع للمجلس الجديد.
ثمة تحديات بنيوية ستواجه مجلس النقابة الأول الذي سيكون من مهامه الرئيسية وضع النظام الداخلي للنقابة الذي بدوره سيحدد شكلها وآلية عملها وصلاحيات مجالس الفروع, فإذا كان هذا النظام قويا ومتماسكا فإنه سيعطي صلاحيات واسعة لهذه المجالس بحيث تتخذ قرارات لا مركزية وإن كانت بالتنسيق مع مجلس النقابة الرئيسي, مثل الدعوة الى إضراب واعتصام محدود في أي من المحافظات, لكن إن كان النظام الداخلي ضعيفا فإن مجالس الفروع ستكون ضعيفة ولا تعكس رغبات المعلمين.
كما أفرزت الانتخابات واقعا سياسيا جديدا جلب معه قضايا ومسائل إشكالية مستجدة أهمها العلاقة الشائكة بين الإخوان المسلمين والحكومة, سيكون محورها المعلم والنظام التعليمي الى جانب خضوع التشريعات الداخلية للنقابة للمساومة مع الحكومة مثل “الصناديق الخاصة” بالنقابة مثل صندوق الادخار للمعلمين, التقاعد, التكافل, التضامن, الإسكان, التأمين الصحي, وهي تشريعات مخولة الحكومة بإصدارها وليس مجلس النقابة, وتتجلى مظاهر المساومة عند قيام الحكومة بالضغط على مجلس النقابة بتجاهل بعض البنود التي تلزمها بدفع مبالغ مالية مثل الدفع بالمثل في دعم الصناديق.
لم يعد خافيا أن نتائج الانتخابات كشفت عن ضعف التحالفات والخطط عند كتلة المستقلين التي حاولت ترتيب صفوفها في الأيام الأخيرة أمام قلعة “الإسلاميين” المتماسكة بفضل الخبرة والرعاية “الاخوانية”, الواضحة من اللحظة الأولى للترشيحات, كما أن النتائج كشفت عن غياب البعد “المهني” لصالح “السياسي” بين أوساط المصوتين بعكس انتخابات مجالس الفروع التي طغى عليها الصوت العشائري بالدرجة الأولى.
وفي حين غابت مظاهر المنافسة الحقيقية عن انتخابات موقع النقيب, شهدت انتخابات عضوية مجلس النقابة المؤلف من 13 عضوا تنافسا شديدا بين “كتلة المستقلين” والتجمع الإسلامي” بدا واضحا من اللحظات الأولى على عملية فرز الأصوات, حيث حصدت كتلة المعلم النقابي الاسلامية اغلب مقاعدالمجلس .
ويأتي فوز المرشح المستقل مصطفى الرواشدة بمنصب نقيب المعلمين الأردنيين في أول انتخابات نزيهة تشهدها البلاد من عقود, متقدما على منافسيه إسماعيل محاسنة وحسين عناب ب¯ “259 صوتا, وحل بعده في المرتبة الثانية اسماعيل محاسنة حصل على 11 صوتا ليؤكد الاشاعات عن وجود تحالف مع الاسلاميين خاصة بعد فوز مرشحهم حسام مشة بمنصب نائب النقيب وحصل على 179 صوتا بينما حصل منافسه محمد الدعجة على 101 صوت والمنافس الثالث محمد العياصرة وحصل على 3 اصوات فقط.
وقال الفائز بمنصب نقيب المعلمين مصطفى الرواشدة ان فوزه هو فوز لجميع المعلمين, مؤكدا ان من اولوياته تعزيز كرامة المعلم الى جانب ضم المتقاعدين الى النقابة.
ودعا الرواشدة في تصريح ل¯ العرب اليوم الى اطلاق سراح المعلم سائد العوران المعتقل, مؤكدا ان حرية المعلمين من حرية سائد على حد قوله.