الاصلاح نيوز /
لا تزال حالة حزن شديد تخّيم على أروقة الدراما السورية بعد رحيل أحد أعمدتها ونجومها الكبار خالد تاجا قبل أيام. ولا تزال عائلة الراحل خصوصاً شقيقته أميرة، تبكيه وتذكر تصرفاته وأفعاله وحياته على كل زوارها الذين أتوا لمواستها. وتُصر أميرة بأنّ شقيقها تركها وتستعيد ما قاله لها أثناء وجوده في المستشفى: «كان يمسك بيدي ويقول لي لا تتركيني، لكنه تركني هو اليوم».
لم تكن حياة «أنطوني كوين العرب» بعيدة عن الأدوار التي جسدها في العديد من المسلسلات. امتزج فيها الفرح والحزن حتى في أيامه الأخيرة. وقد تزامن وجوده في المستشفى مع تعرّض منزله للسرقة. لقد استغل اللصوص وجود عائلته إلى جانبه في المستشفى، ليسرقوا البيت المليء بالتحف الفنيّة التي كان جمعها من كل صوبٍ وحدب.
كان تاجا قد باشر كتابة مذكراته متناولاً سيرته منذ ولادته في دمشق عام 1939 وصولاً إلى أهم الخطوات في مسيرته الفنية والشخصية كقصص الحب التي عاشها لأنّها محطة هامة في حياته كما كان يقول قبل الرحيل. علماً أنّه كان يفكر في ترجمة حياته إلى مسلسلٍ تلفزيوني يضيء جوانب مؤلمة عاشها بموازاة نجاحه وشهرته عربياً وحتى عالمياً. إذ اعتبرته مجلة «التايم» الأميركية عام 2004 أحد أفضل خمسين ممثلاً في العالم.
قليلون يعرفون حياة تاجا عن قرب. و« أنا زهرة» تكشف بعضاً من جوانبها خلال حديثنا مع شقيقته أميرة.
في سن الثامنة من عمره، اكتشف أنّه مولع بالرسم، وأُغرم بخيال الظل. وفي العاشرة، بدأ يتردد على مسارح دمشق السبعة كـ «النصر» و«الرشيد» و«الأندلس».
أدى بطولة عملين مسرحيين من تأليف وإخراج أحد أساتذته في المرحلة الثانوية في خمسينيات القرن الماضي. ثم انتقل عام 1956 إلى فرقة «المسرح الحر» مع توفيق العطري وضمت نخبة من الفنانين الكبار أمثال صبري عياد، وحكمت محسن، وأنور البابا وكان يرأسها الفنان الراحل عبد اللطيف فتحي. وقدم حينها عدداً من أدواره على الخشبة لينتقل بعدها إلى الكتابة والإخراج المسرحيين. ومن أعماله في هذا المجال «بالناقص زلمة»، و«خدام الأكابر» التي شارك في بطولتها أيضاً. كما ألف مسرحية «المجنون» التي لم تبصر النور بسبب الظرف المادي السيء الذي عانى منه بعد وفاة والده.
وفي عام 1965، اختاره المخرج اليوغسلافي بوشكو فوتونوفيتش لبطولة فيلم «سائق الشاحنة» الذي أنتجته «المؤسسة العامة للسينما» في دمشق عام 1966 ليليها العديد من الأفلام مثل «أيام في لندن»، و«الفهد»، و«خيرو العوج» و«العار».
بعدها، ابتعد تاجا عن العمل الفني 12 عاماً بعدما اكتشف أنّ السرطان أصاب إحدى رئتيه بسبب ولعه بالتدخين، ما أدّى إلى استئصال الرئة. لكن بعد عودته، تعرّض لمضايقاتٍ عديدة، ولم يعد أحد يدعوه للمشاركة في أي عملٍ. لكن في أواخر السبعينيات، وقف معه الفنان طلحت حمدي ليعود مجدداً إلى العمل. في هذه المرحلة، قدم أكثر من مئة مسلسل بعدما كان التلفزيون قد وصل إلى بيوت معظم السوريين. ومن أعماله: «هجرة القلوب إلى القلوب»، و«تمر حنة»، و«أيام شامية»، و«دنيا»، و«يوميات مدير عام»، و«إخوة التراب»، و«الدغري»، و«غزلان في غابة الذئاب» و«التغريبة الفلسطينية»…
وفي ما يخص حياته الشخصية، تقول شقيقته: «كان محباً يتعلق بكل فتاة تحبه. والدليل أنّه تزوج أربع مرات بعد قصص حب». وتضيف: «كان يعشق زوجته الأولى كثيراً ولطالما تحدث عن جمالها في أحاديث الذكريات». لكنها توفيت باكراً في حادث سيارة. أما الزوجة الثانية فلم يستطع أن يُكمل معها العام وانتهت بالانفصال كحال زوجته الثالثة.
أيضاً، تزوج من سيدة هولندية لكنّها قررت العودة إلى بلادها لتتصل به لاحقاً وتخبره بأنّها حامل بفتاة. وعند ولادتها اتصلت به مجدداً لتخبره بأنّها وضعت فتاة وأطلقت عليها اسم ليزا. ومنذ ذلك اليوم، لا يعلم عن ابنته سوى اسمها الذي كان يردّده دوماً، حتى أنّه كان يمازح شقيقته ويقول لها: «تخيلي أن أذهب إلى هولندا وأرى فتاةً وأعُجب بها وأحبها. وعندما أقرر الزواج منها أكتشف أنها ابنتي».
هكذا، مرّ أسبوع على رحيل تاجا ولا يزال تأثير هذا الواقع الحزين واضحاً على وجوه أصدقائه خصوصاً في الوسط الفني.