زهير عبد القادر
نشر احد الاصدقاء على صفحته في الفيسبوك صورة معبرة لرئيس الوزراء الهولندي مارك روث وهو يصل للتو الى مقر الرئاسة على دراجة هوائية وحده بدون حراسة…الصورة لفتت نظري رغم عدم غرابتها بالنسبة لي حيث عشت في المانيا اكثر من ثلاثة عقود متتالية …وكثيرا ما كنت اشاهد صدفة وزير الدفاع الالماني يقوم بجولة ركض رياضية على نهر الراين في مدينة بون او وزير الخارجية جالسا في مطعم في الهواء الطلق في الحي القديم من مدينة كولونيا او وزيرا آخر في سوق الخضار الشعبي في المدينة وكثيرا ما كنا نشاهد كبار المسئوولين في المولات او المقاهي الشعبية…او في حافلة عمومية او القطار او المترو…كنا نشاهد وصول عدد من السادة النواب الى المجلس بدراجاتهم الهوائية….هذه المشاهد وغيرها مشاهد مألوفة في الدول الاوروبية….ولا تلفت نظر احدا هناك…وأذكر انني في بداية عملي الاعلامي في المانيا سألت زميلا عن هذه الظاهرة في المانيا فأجابني بما يلي: انت تعرف ان المواطن هنا هو الذي اوصل هذا المسؤول او غيره الى هذا المنصب عن طريق التصويت العادل النزيه وبأرادته وقناعته…والمواطن يشعر يوميا ان هذا المسؤول عند حسن ظنه…لأن النائب هنا يمثل مصالح المواطن ويدافع عن حقوقه وكذلك الوزير والمستشار…الجميع سواء امام القانون…ومن هنا يحترم المواطن المسؤول ويقدر عمله لمصلحة الوطن والمواطن …
،،،،،،،،،الصورة في العالم العربي تختلف…المسؤول مجرد استلامه المنصب يبتعد عن المواطن …فسيارته يجب ان تكون اكبر واحدث وافخم من سيارة اي مواطن في البلد…وبيته يجب ان يكون اكبر وافخم من بيت اي مواطن…وكذلك مكتبه ومدير مكتبه وسكرتيرته يجب ان لايقتربوا من المواطن…حتى رقم هاتفه يجب ان يحاط بالسرية حتى لايستطيع المواطن الوصول اليه….ناهيك عن الحراسة المشددة على هذا المسؤول لعدم السماح من المواطن الاقتراب منه….وهنا يراودني مشهدا رأيته عن قرب…فقد توقفت مرة بجانب احدى الوزارات الخدماتية…وصادف خروج الوزيرة بسيارتها الفخمة فاستوقفتها امرأة عجوز وفي يدها ورقة استدعاء…ففتحت الوزيرة نافذه السيارة الخلفية حيث كانت تجلس معاليها فتحة لاتزيد عن 10سنتيمترا وقبل ان تستطيع المواطنة العجوز ادخال الورقة للوزيرة حضر اثنان من رجال الامن وابعدوا العجوز عن سيارة الوزيرة واخذ احدهما الورقة…وانطلقت الوزيرة بسيارتها وبقيت المواطنة العجوز واقفة مذهولة حزينة لا تعلم هل هي بحلم ام بحقيقة…وكم كنت اتمنى لوطلبت معاليها رجلا الامن عدم التدخل ولو فتحت الشباك اكثر وسمعت من المواطنة قصتها واخدت الورقة معها،،ووعدتها خيرا…لأسعدت قلب انسانة فقيرة معدومة …
،،،،،حب المظاهر والفخفخة والترفع والتكبر والاستعلاء والكشرة صفات نعتبرها هيبة …والتواضع والقرب من المواطن والاستماع اليه والابتسامه صفات يعتبرها الغرب هيبة …فبين هيبتهم وهيبتنا سنوات طويلة من الحضارة…
،،،،،،ليتنا نأخذ من جلالة الملك دروسا وعبر في التواضع والتسامح والقرب من المواطن…كم مرة ساعد جلالته بنفسه بعملية اسعاف مواطن تعرضت سيارته لحادث سير…وكم مرة قام جلالته بزيارة اسر مستورة في ايام الاعياد واستمع اليها بقلب الاب الحنون والاخ الوفي…وكم مرة تناول جلالته طعام،،الافطار والغذاء في مطاعم شعبية ليكون قريبا من المواطن الذي هو في نظره اعز ما نملك…
،،،وليتذكر كل مسؤول في بلدي انه لولا هذا المواطن لما اصبح هو في منصبه…ولولا الضرائب التي يدفعها المواطن والمساعدات الدولية التي تدفعها الدول الشقيقة والصديقة من اجل هذا المواطن لما توفر للمسؤول كل وسائل الرفاهية هذه …حمى الله وطننا وشعبنا ومليكنا …صباح الخير.
zuhairjordan@yahoo.com