كثر النقاش هذه الأيام عما هو ديمقراطي أو غير ديمقراطي من قوانين وأنظمة انتخابية.،والديمقراطية ليست محصورة بقانون انتخابات مع أهميته.
فالديمقراطية وعي يبدأ من البيت وينتقل للمدرسة والجامعة والمجتمع واستقلالية السلطات بما فيها الإعلام،(السلطة الرابعة).
من المعروف أن العمل الحزبي أمر أساسي ،لأية عملية ديمقراطية جدية ودائمة.،وقد عانت الأحزاب في الأردن منذ عقود بسبب غياب قانون انتخابات يدعم قيام ونمو الأحزاب.
والديمقراطية المدعومة من أحزاب فعالة تحتاج إلى تعددية حزبية تمثل أكثر من فكر أو تيار سياسي/ اقتصادي/ مجتمعي.
وقد خلت البرلمانات الأردنية عبر عشرات السنوات من الأحزاب إلا القليل وخلت كلياً من التعددية الحزبية.
من المؤكد أن لكل قانون استثناء، والاستثناء في الأردن والعالم العربي هو الأحزاب الإسلامية التي تستفيد من ميزات خارجة عن إطار العمل العادي للتنظيم والانضباط.،فالأمر الديني والعواطف المرتبطة به، إضافة للجامع وللقائد الديني لها فوائد عديدة لا تستطيع منافستها الأحزاب غير الدينية.
ومع رغبة صناع القرار في دعم العملية السياسية من خلال تقوية الأحزاب كان لا بد من إيجاد وسيلة ولو غير تقليدية لإعطاء،التعددية الحزبية دفعة قوية لا تأتي على حساب هزة قوية للاستقرار السياسي المجتمعي في الأردن.،فكان بقيام الحكومة تقديم مشروع قانون يحتوي على بذور دعم التعددية الحزبية.
لاشك أن الاقتراح الحكومي الأردني لا يتجاوب مع الحراك الشعبي أو توصيات اللجنة الوطنية للإصلاح ولكن لا يمكن أن يتم تقليل من أهمية مشروع القانون في إعطاء دعم ولو قليل للتعددية الحزبية.
قبل عدة أعوام دخلت فكرة الكوتا النسائية لقوانين الانتخابات الأردنية.،ورغم الاحتجاجات المختلفة بما فيها الحركات النسائية فإن الكوتا وإن لم تحقق المطلوب في تغيير نظرة المواطن وانفتاحه/ها لفكرة وجود نواب سيدات للوطن، إلا أنها ضمنت على ا?قل وجود مكون مهم من أي مجتمع.،وقد كانت الحكمة وراء كوتا النسائية أن تغييب نصف المجتمع لمدة طويلة لن تتم معالجته إلا من خلال دفعة قوية من قبل توفير تلك الكوتا على أن يتم تدريجياً اختيار المواطن الأردني للمرأة دون الحاجة للكوتا.
وقد نجحت الفكرة بشكل ضعيف في عدد من البرلمانات كالنائبين ريم بدران وفلك الجمعاني وبدون الحاجة للكوتا.
وتم الآن رفع الكوتا النسائية لـ،15،نائب، فيما تطالب بعض الحركات النسائية بكوتا بـ،30،مقعدا.
الفكرة نفسها يمكن تطبيقها على مبدأ إعطاء دفعة للتعددية الحزبية.،فربما يعتبر البعض أن،15،نائباً عن الأحزاب ليس عددا كافيا، أو أن تحديد حد أقصى للحزب بـ،5،قليل رغم أن هناك العديد من الأحزاب،(غير جبهة العمل الإسلامي)،التي لا تستطيع انتخاب الخمسة النواب المقترحين.،قد يحتاج مجلس النواب إلى زيادة عدد نواب الوطن،لـ30،أو أكثر وزيادة الحد الأقصى للحزب لـ7،نواب ولكن فكرة حصر نواب الوطن للأحزاب وليس للقوائم فكرة جيدة تدعم التعددية الحزبية وتقلل من الاعتماد على العشائرية التي رفضها الحراك الأردني.
قد يحتاج نقل الأردن للديمقراطية المكونة من التعددية الحزبية عدة مراحل، والتدرج في العمل السياسي سيحتاج إلى رفع الوعي والتفاعل الوطني مع القانون الانتخابي المقترح على أن لا يستمر الاعتماد على قانون الانتخابات بل يتوسع للعمل على رفع الوعي السياسي في كافة مرافق الوطن وعلى كافة المستويات.
هذا مع العلم أن دعم مبدأ التدريج في التغيير قد يجلب التغيير شرط أن يستمر التفاعل والإصلاح ولا ينتهي بمجرد موافقة مجلس الأمة على قانون الانتخابات ويتم صدور الإرادة الملكية به.
*مدير عام راديو البلد وموقع عمان نت