الإصلاح نيوز/
النجومية البرّاقة التي يطمح إليها أيّ لاعب في عالم كرة القدم تحتاج للعديد من العوامل المجتمعة، ومن الطبيعي أن تكون مشكلة تجنّب الإصابة أو الشفاء الكامل منها، التي قد لا تلقى الكثير من الأهمية عند المتابعين، هي أحد أهم عوامل نجاح اللاعب منذ بزوغ نجمه إلى مرحلة اعتزاله على طول مسيرته الرياضية التي يمكن أن تنتهي بسبب الإصابة نفسها.
ومن الواضح للمهتمين أن الإصابات الرياضية قد بدأ ينخفض تأثيرها تدريجياً مقارنة بالسنوات السابقة، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى الدور الذي لعبه التطور الكبير للعلوم الرياضية بالتوازي مع العلوم الطبية، فعلوم التربية الرياضية ساهمت بشكل أو بآخر في الحدِّ من احتمالات الإصابة لما قدّمته من سبل تطوير للقدرات البدنية والفنية، وكذلك العلوم الطبية التي كان لها الدور الأبرز في استعادة اللاعب لكامل جاهزيته البدنية في أسرع وقت ممكن.
يُعتبر لاعبو الكرة أنفسهم أهم الأسباب الرئيسية في إصابة زملائهم، التي تكون نتيجة لعدة عوامل في ملاعب المستديرة، فقد يصاب اللاعب بسبب تدخّل عنيف من منافسٍ بالفريق الآخر دون قصد الكرة وإنما بنيّة الإصابة، ومن أكثر مَن عانى من هذا النوع من التدخلات القاسية “سابقاً” البرازيليان بيليه ورونالدو والأرجنتيني مارادونا والهولندي فان باستن، إضافة لمعاناة الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو والفرنسي فرانك ريبيري والهولندي أريين روبن في الفترة الحالية، أيّ أنّ هذا النوع غالباً ما ارتبط باللاعبين المهارييّن.
ساق لاعب روما دي روسي ورسالة منه للاعبين بتجنّب الخشونة
وقد تكون الإعاقة القاسية بهدف حصول المنافس على الكرة، “وهي الحالة الأكثر شيوعاً” وقد تطول أو تقصر نتيجتها فترة غياب اللاعب ولكنها في النهاية قد تؤدي إلى حرمان المشجّعين من مهارة النجم الكروي، كما قد تحدث الإصابة عن طريق اللاعب نفسه عندما يحاول تجنّب تدخل لاعبٍ منافس، وذلك عند هبوطه على إحدى قدميه بطريقةٍ خاطئة، وإصابة اللاعبين أثناء التمرين بسبب خشونة زملائهم، وغالباً ما تنتج عن هذه المسببات إصابات تمزّق أربطة الركبة أو الكاحل بالإضافة لإصابات الظهر والأربطة الخلفية لعضلة الفخذ.
مدافعو الكُرة
تُعتبر قسوة المدافعين من أهم مُسبّبات الإصابات التي يعاني منها اللاعبون، فلا بدّ من ذكر عدد منهم، باعتبار خشونتهم الزائدة خسارة لكرة القدم الجميلة، ولعلّ أشهرهم الإيطالي كلاوديو جنتيلي لاعب يوفنتوس السابق الذي اشتهر تحديداً في كأس العالم في إسبانيا “1982″، وذلك عندما أسهم بشكلٍ كبير في تتويج منتخب بلاده بالكأس العالمية، بعدما نجح في إيقاف مارادونا والبرازيلي زيكو في مباراتي الدور الثاني مع الأرجنتين والبرازيل بجميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة.
جنتيلي أثناء مراقبته لمارادونا
كما أنّ النجمين الكبيرين خرجا بقميصٍ ممزّق في نهاية مباراتيهما أمام إيطاليا، ومع ذلك لم يتلقَ اللاعب سوى إنذارين أبعداه يومها عن مواجهة بولندا في نصف النهائي مع العلم أن مَن تابع لقاءي إيطاليا مع الأرجنتيني والبرازيل يعلم أن جنتيلي كان يستحق بطاقة حمراء على الأقل، ولعلّ لاعبي ريال مدريد الإسباني سيرجيو راموس والبرتغالي بيبي أبرز خلفائه في الوقت الحالي، وبدرجة أقل الصربي فيديتش لاعب مانشستر يونايتد الإنكليزي ولاعب يوفنتوس الإيطالي كيليني ولاعب برشلونة الإسباني كارليس بويول.
تأثير الإصابة سابقاً وحالياً
عندما تمرُّ كلمة “إصابة مؤلمة” لا بدّ أن نذكر الأسطورة الهولندية مارك فان باستن الذي اعتزل الكرة في الثلاثين من عمره بسبب إصاباته المتكرّرة وآخرها كانت في الكاحل، كما يجب أن نذكر لاعب بايرن ميونيخ الألماني أولي هونيس الذي أُجبر على ترك المستطيل الأخضر بعمر الـ27 بسبب إصابة في ركبته، إضافةً للنجم البرازيلي رونالدو الذي أضاع فترة طويلة من حياته الكروية بسبب الإصابات التي لاحقته على مدار 10 أعوام على الأقل وأثّرت على مستواه الفني إلى أن دفعته لاعتزال اللعب بعمر 34 عاماً.
رونالدو لحظة إعلان اعتزاله
ولا شك أن العلوم الطبية الحالية أسهمت بشكلٍ أو بآخر في إنقاذ مسيرة العديد من الرياضيين وكانت سبباً في عدم اعتزالهم اللعب، وآخرهم غاتوزو لاعب ميلان الإيطالي الذي عاد بعد إصابة في العين أثناء التدريبات، وكذلك الأرجنتيني غونزالو هيغواين الذي صرّح الكادر الطبي لفريقه ريال مدريد بأن إصابته في الظهر كادت تنهي مسيرته الرياضية، إضافة للويلزي راين غيغز لاعب مانشستر يونايتد الذي نجح في تخطّي تمزق بأربطة الركبة بعد أن كاد يعتزل مسيرته الرياضية، ولا يمكننا أن ننسى الهولندي أريين روبين الذي عانى كثيراً من الإصابات في تشيلسي الإنكليزي وريال مدريد وبايرن ميونيخ إلا أنّه عاد لمستواه المعهود في الفترة الأخيرة، علماً بأنّ حالته بحسب أطباء ريال مدريد كانت ترتبط بعدم تناسب طريقة ركضه مع إمكانياته البدينة.
ميسي ورونالدو
لعلّ المنافسة شبه الأزلية بين أبرز لاعبين على مستوى العالم في الفترة الحالية لم تتوقف على عدد الألقاب والأهداف التي حقّقها كلّ منهما، وإنما بدأت تمتد إلى مدى تأثرهما بالإصابات إن وقعت ومعاناتهما من خشونة اللاعبين الزائدة، ويعتبر البعض أنّ ما يساعدهما على المستوى المرتفع الذي يُقدّمانه في الفترة الأخيرة هو ارتياحهما في الدوري الإسباني الذي يعتبر أدنى في مستواه الفني من نظيره الإنكليزي بحسب تصنيف “الاتحاد الأوربي” وأقلّ خشونةً من الإيطالي بحسب رأي بعض خبراء الكرة، مع العلم أن رونالدو لعب سابقاً في الدوري الإنكليزي.
فميسي الذي بدأ حياته “مريضاً” عندما عالجه الكادر الطبي في برشلونة من مشكلة نقص هرمون النمو ما زال يُحطّم الأرقام القياسية الواحد تلو الآخر، ورونالدو الذي قدم إلى ريال مدريد من مانشستر يونايتد لم تؤثّر الإصابات أيضاً على مستواه الفني كثيراً، على الرغم من إجرائه لعملية جراحية في الكاحل في فترةٍ سابقة، وذلك بالمقارنة مع النجوم سالفي الذكر.
ميسي ورونالدو
ولكن الأمر المثير للقلق هو وجود اسم ميسي كثاني أكثر لاعبي الدوري الإسباني تعرُّضاً للخشونة بحسب موقع “غول” الإنكليزي وذلك خلف لودوفيك ديلي بروت لاعب أوساسونا في آذار/مارس 2009، بينما اعتبر رونالدو أكثر لاعبي الدوري الإسباني تعرُّضاً للعرقلة بحسب صحيفة “آس” الإسبانية في عددها الصادر بتاريخ 3-10-2011 بمعدل عرقلة كل 28 دقيقة في تلك الفترة.
فهل سيتابع ميسي ورونالدو مستواهما المرتفع فيما تبقى من حياتهما الكروية أم أنّ الإصابة سيكون لها نقطة الفصل في المستقبل؟
القوانين الكروية وتطويرها
زاد الضغط كثيراً على الجهات المسؤولة عن تطوير كرة القدم العالمية والأوروبية في الآونة الأخيرة وتحديداً بعد الحادثة الشهيرة التي تعرّض لها فابريس موامبا لاعب بولتون الإنكليزي، وكاد أن يفقد حياته على إثرها نتيجةً لأزمة قلبية، ولا شك أن هناك بعض القوانين التي يمكن إدخالها إلى كرة القدم من شأنها أن تحدّ من الإصابات الخطيرة لنجوم الكرة وتكون أكثر ضبطاً لسلوكيات بعض المدافعين غير المسؤولة، دون أن ننسى عوامل الأمان والسلامة التي يمكن توسيعها كالإجراءات التي تمت إضافتها في الدوري الإنكليزي، وتحديداً بعد حادثة الحارس التشيكي بيتر تشيك حارس تشيلسي الذي أصيب بكسر في الجمجمة إثر احتكاكه مع لاعب خط وسط ريدينغ ستيفن هانت منذ خمس سنوات ونصف السنة ضمن مباراة الفريقين في الدوري الإنكليزي.
هذا إضافة للقرارات الحازمة التي يجب اتخاذها من بعض الحكام الذين يُعتبرون المسؤول الأوّل عن تطبيق القوانين الكروية داخل الملعب، وهناك أيضاً دور المدرّبين الذين يسهمون سلباً أو إيجاباً في هذه القضية من خلال تعليماتهم للاعبيهم بإيقاف اللاعب النجم بأية طريقة، ويضاف إلى ذلك إصرار البعض منهم على إشراك نجومهم على الرغم من عدم جاهزيتهم الكاملة في حال عودتهم من الإصابة.
مسببات مستحيلة الحل
في ضوء كل ما ذكر لا بدَّ من الإشارة إلى وقوع بعض الإصابات التي لن يستطيع المدرّبون واللاعبون ولا حتى أعلى السلطات الكروية التخلّص منها، ويمكن اعتبارها من أغبى وأغرب الإصابات على مرِّ تاريخ الكرة ونذكر منها إصابة الأرجنتيني سيرخيو أغويرو لاعب مانشستر سيتي الإنكليزي الذي كان يلعب على دراجة نارية لطفله بنجامين، إضافة لإصابة الحارس الإسباني سانتياغو كانيزاريس عندما سقطت زجاجة العطر على الأرض ودخلت في قدمه شظية لتحرمه من المشاركة في كأس العالم 2002 وهو في عزّ عطائه، وإصابة حارس مرمى مانشستر يونايتد أليكس ستيبني عام 1975 بخلع في فكه، أثناء صراخه على المدافعين خلال مباراة ضد برمنغهام.
وكل ما ورد يأتي على صعيد الذكر لا الحصر، عن قضيةٍ لا يمكن فصلها عن العوامل المرتبطة بتطوير كرة القدم العالمية، لما تحمله الإصابات من مخاطر بدنية وفنية على حياة اللاعب الرياضية.
الجزيرة الرياضية