“اضحك تضحك لك الدنيا“، مثل جميل سائر في حياتنا، فالضحك لغة عالمية ليست في حاجة إلى قاموس، وهي لغة يفهمها الطفل والشاب والفتاة والعجوز..ويمكن أن تكون الابتسامة صمام أمان للاسترخاء وسلامة العقل، وقد نصح طبيب نفسي أحد مرضاه بأن لا يأخذ نفسه بجدية غبية..لكن كيف يمكن المزج بين الجد والمزاح؟الجدية الذكية هي أن يعرف الشخص الوقت المناسب للمزاح
تقول الصحافية مجد جابر :” الجدية لا تعني عدم المزاح على الاطلاق انما لكل مقام مقال وهناك مواقف تتطلب المزاح ومواقف أخرى تحتاج الى الجدية البحتة، ولا مانع بكسر بعض الجدية بعض الاحيان بمزحة خفيف ومناسبة ترطب الاجواء، بالطبع هناك جدية غبية وهي التي لا داعي لها على الاطلاق انما قد يتصرف الشخص بها من باب رسم هالة من حوله بأنه شخص جدي، والجدية الذكية هي التي تكون بمكانها وبالمواقف التي تحتاج الى الجدية، والوصول الى الجدية الذكية بحاجة لأن يدرك الشخص تماماً متى عليه أن يكون جدي وأن لا يبالغ في الأمر على الاطلاق وأن يعرف كيف يشد ويرخي في نفس الوقت ومتى بحاجة أم يكون حازم لأبعد حد ومتى العكس، وأن يتجنب أن يكون جدي في كل أوقاته بسبب ومن دون سبب كون ذلك سيجعل جديته ليس لها أي معنى.”
الضحك سلاح استفزازي للعدو
تعتبر الموظفة شيرين بسيتان بأن الجدية الذكية لا تعني أبداُ عدم المزاح، بل تعني التوازن بين الجد والمزح، بينما توجد جدية غبية كما وصفها احدى الاطباء النفسيين، وهي في المبالغة بالجدية وبتبني مفهوم خاطئ عن المزاج والضحك، والمزج بين الجد والمزاح يساعد في الوصول الى الهدف المرجو بطريقة قريبة من القلب وليست حادة، تضيف: “لنكون قادرين على المزج الذكي علينا نمرين الذهن على ايصال المعلومة بطريقة المزح المبطنة للجدية وان نستغل ضعف ادراك الطرف الاخر ونلتزم بالصمت حين يتكلم، فللضحك فوائد وايجابيات ليس فقط في ايصال المعلومة بصورة مرنة، بل ايضا يشكل سلاحاً مستفزاً أمام العدو.”المزاح له نتائج ايجابية على الصعيد التعليمي والاجتماعي
يؤكد الدكتور كايد المحاريق استاذ جامعي بأن الشخصية المرحة هي الأقرب للقلب والأكثر اجتماعية وتأثيراً بالناس، يقول:” إن الشخصية المرحة متقبلة أكثر من الشخصية الحازمة التي لا تجعل فسحة للمزاح والضحك والفكاهة، فالشخصية الجادة تخلق انطباع حاد أمام الطرف الاخر، ويكون التأثير خلالها سطحي، ومن تجربتي الخاصة..أحاول دائما خلال محاضراتي الجامعية أن اخلق جو من المرح ليشعر الطالب بالأريحية، فوجدت أن كثير من الطلبة يمكن الوصول إلى قلوبهم من خلال المزاح والضحك الحق والنكتة الطيبة وتعطير الجو العام للمحاضرة، وهذا يؤدي الى نتائج ايجابية على الصعيد التعليمي والاجتماعي، ويمكن الاشارة الي الاسلوب الطريف الجاد الذي يتبعه الدكتور وجدي غنيم اثناء محاضراته الدينية، فهو قريب للقلب وقوي التأثير بالناس.”،
التربية تتطلب القسوة أحياناً.. والمزاج أحياناً اخرى
ومن جانب اخر، تشير العشرينية اسراء الشاويش الى أن للضحك والمزاح دور هام جداً في العلاقات الاجتماعية، بين الأهل والاصدقاء، فالابتسامة هي بوابة القلب والمحبة لأي علاقة اجتماعية، تقول:” كثيراً ما واجهت أناس في حياتي تغلب عليهم الجدية، فأجدهم محصورين بجوانب معينة بالحياة، وبعيدين عن جوانب اخرى شديدة الأهمية، وبهذا يكون تقبلهم عند الاخرين ضعيف، بينما من يملك الابتسامة الدائمة يكون له سحر خاص، وهذا سر علاقاتي الطيبة ومحبتي للاخرين، فأنا اتعامل كما أحب أن أعامل، وحتى بين الأهل فهناك ضرورة للضحك بين الأخوة لخلق المحبة والذكريات الجميلة، فبالمزاح تعلمت من والدي الكثير وأثر بي وبأخوتي ايجابياً، القسوة والجدية مطلوبة لكن ليس بكل الأوقات.”كادر
يقول الدكتور حسين المجالي اختصاصي علم الاجتماع :” الجدية لا تعني عدم المزاج، فالجدية تعني ان يتمسك الشخص بأهدافه في حياته ويسعى لتحقيقها، وقد يحتاج الى المزاج للثبات على الجدية، فالمزاح وسيلة يلجأ اليها الفرد لتخفيف الهموم وتغيير الاراء وتقريب النفوس، بالمزاح يولد صداقات فالكثير من الأشخاص يمكن الوصول اليهم عن طريق المزاح والنكتة.”
يضيف:” هناك لبس بين الناس بان من يمزح لا يعرف أن يكون جاداً، فالجدية السلبية تنفر الانسان ويبعده عن روح الحياة الطيبة وتجعل منه شخصاً قاسياً، لكن الجدية الايجابية هي تلك التي تترك فسحة للمزاح واللهو والابتسامة، وهذه الابتسامة والمزاح لتجديد الهمة ورفع العزيمة وفتح القلوب المغلقة، فالابتسامة مفتاح سحري كان رسول الله يستخدمه مع نسائه.”
ويؤكد المجالي بأنه لابد للمزاح من ضوابط بأن لا يكون كذباً ولا طعناً ولا تجنياً، بل يكون مزاج صادق لا يتخد من أغراض الناس أو الدين مضموناً للسخرية، ويجب عدم الاكثار منه حتى لا تتحول الشخصية الى شخصية هزلية لا يحسب لها حساباً، ” باختصار المزاح والنكتة والضحك هم وسلية للوصول للاهداف ولسوا أهدافاً بعينيها ولا غاية.”
،