عام و نيف مضى على اشتعال الثورة السورية ، و ما زال نزوح الالاف من الاشقاء السوريين مستمرا إلى دول الجوار منذ اليوم الأول لثورتهم , طلبا للأمن و الامان و الاستقرار .
الأردن المضياف وكعادته , كان مقصدا للآلاف من هؤلاء الذين نزحوا هربا من موت محتم إما بقصف مدفعي أو برصاصة قناص او بشظية .
و يتمركز هؤلاء اللاجئون في المملكة بسوادهم الأعظم في محافظات الرمثا و المـفرق, والزرقاء , فالزرقاء تحتضن حاليا ما يربو عن 3000 آلاف لاجىء سوري ، وفق آخر إحصائية صادرة عن مركز أيتام مخيم الزرقاء .
«الدستور» بدورها زارت عائلات سورية وسلطت الضوء على نموذج من تلك العائلات المنتشرة في أرجاء الزرقاء و قابلت لاجئين نجوا بأرواحهم من القتل و الاعتقال ، وكانت الملاحظة الابرز التي لاحظتها « الدستور» خلال جولتها التي استمرت لعدة ساعات ان هؤلاء اللاجئين مازالوا يعيشون على وقع صدمات نفسية خلفتها فيهم أعمال العنف التي ما زالوا يشاهدونها من خلال مشاهدة الفضائيات ووسائل الاعلام المختلفة , فثمة حالة من عدم الاستقرار النفسي يرافقها تخوف ممزوج بالغموض الذي يكتنف مستقبلهم ، دون أن يفقدهم كل ذلك الأمل في هذا المستقبل .
يقول لاجئ سوري مصاب في فخذه , حبذ عدم التعريف بنفسه ، أنه أصيب في فخذه بطلقة مضادة للطائرات , فمزقت الشظية أحد شرايينه الرئيسية في فخذه و اصابت شريانا آخر , مما استدعى نقله إلى تركيا حيث كانت قدمه في اسوأ أوضاعها موضحا أن قدمه كادت ان تبتـر , لولا العناية الإلهية، لشدة جرحه الذي زاد طوله عن 40 سم , اذ كان الاطباء يقومون بتقطيب الجرح من جهة ليتفسخ فخذه من الجهة الاخرى , واضاف انه تم نقله و بعد ستة شهور الى الأردن لاكمال علاجه من جرحه الذي لم يبرأ بعد.
وتوجهت «الدستور» الى منطقة الزرقاء الجديدة طارقة منزلا متواضعا تقطن فيه عائلة سورية من أب و أم وخمسة أبناء أصيب اثنان من ابناء الاسرة بقنبلة مسمارية .
واوضح الطفل المصاب نجم الدين نقشو أنه كان يدرس في الصف السادس الابتدائي في مدينة حمص و أثناء عودته مع أبيه من مكان عمله في مطعم شعبي و اثناء قطعه للشارع أطلقت عليه قنبلة مسامرية متفجرة استقرت في رأسه ، و يتساءل الطفل نجم بلغته البريئة انه لا يعلم لماذا اطلقت عليه تلك القنبلة.
و تشير أم نجم أن زوجها لم يستطع نقل ابنها نجم إلى المستشفى لشدة القصف و اطلاق النار الكثيف و العشوائي , حيث ان الطفل نقل الى أحد المنازل لتقدم له الاسعافات الاولية , و سرعان ما غادرت العائلة حمص هربا من موت محتم و لاكمال علاج ابنهم الذي استقرت في رأسه عشرات الشظايا التي اثرت على حركته وبصره , حيث أجريت له في الاردن العديد من العمليات و تمكن الاطباء من نزع شظيتين ، فيما آثروا الابقاء على ثلاث اخرى في رأسه لتأثيرها على بصره .