بكل تأكيد لا أحب أن أرى الإخوان المسلمين يحكمون مصر أو ينفردون بحكمها، لكننى بكل تأكيد أيضًا لا أحب أن أرى الإخوان ضحايا للبطش أو التنكيل، لا أريد لهم أن يبطشوا بنا، ولا أرضى أن يبطش بهم المجلس العسكرى أو غيره، لا أريد لهم أن يكونوا ضحايا، ولا أريد لهم أن يكونوا جلادين للشعب.
لكن الإشكالية الحقيقية أن هذه الجماعة لا تريد لنفسها سوى أحد الوضعين، يُنكل بها ويُطارد أبناؤها وتصادر أموالها فتصبر وتحتسب وتمد حبال الود تجاه جلاديها. وعندما تواتيها الفرصة التى تنتظرها منذ عقود وتمكن وتفتح لها السلطة ذراعيها، يصيبها دوار السلطة بحالة من انعدام الوزن والرؤية تجعلها تسير نحو الهاوية بخطى واثقة وسريعة، وكأن الجماعة لا تكون فى حالتها السليمة إلا وهى تحت القهر والقمع والتنكيل، وضع الدفاع عن النفس، هذا هو الوضع الذى تدربت عليه الجماعة وأتقنته لسنوات، وضع الحفاظ على النوع، أما وضع الهجوم والانتقال لمقاعد السلطة فهو يصيبها بنوع من الارتباك عادة ما تكون هى أول ضحاياه.
أقول هذا مخلصًا وأنا أضع أمام عينى نتائج تحكم الإخوان فى الجمعية التأسيسية للدستور.
وفى رأيى أنها خطيئة تاريخية وسياسية لا تقل إطلاقًا عن الخطيئة التى ارتكبها جناح التوريث فى انتخابات برلمان 2010 والتى كانت ثورة يناير أو انقلاب يناير إحدى نتائجها المباشرة، وفى الحالتين كان غرور القوة، وعدم تقدير ردود الفعل، وعدم إدراك طبيعة مصر القائمة على التوازن والتنوع هى الخطأ القاتل الذى ينهى المباراة فورًا.
دون شك فإن الجماعة تبدو فى حاجة ملحة للتوقف والتأمل فى خطواتها القادمة، وهى تبدو أيضًا فى حاجة ضرورية لمراجعة دور رجلها الأول خيرت الشاطر الذى يبدو أنه يقود الإخوان نحو الهاوية، يبدو ملحّا أيضًا مراجعة المعلومات التى تقول إن الرجل عاد من قطر وهو يحمل للإخوان عرضًا باسترداد القطريين لضخ استثمارات تزيد قيمتها على عشرة مليارات دولار فى مصر بشرط أن يشكل الإخوان الحكومة! وهو ما بدل موقف الجماعة من حكومة الجنزورى وقادها نحو السيناريو الدامى الذى نرى حلقاته الآن، على الإخوان أن يدركوا أن الجماعة أكبر من الأفراد، وأن يراجعوا دور الشاطر ودور قطر أيضًا حتى لا يكرروا التاريخ، وحتى يكذبوا المقولة التى ترى أن الجماعة هى أخطر أعداء الجماعة.