قَدَّرَ مراسل الـBBC في إسطنبول، أن خوف المجتمعين بغاية توحيد المعارضة السورية في الخارج، من التنابذ بالشتائم والاشتباك بالأيدي، هو الذي دفعهم إلى منع الصحافة من حضور الافتتاح بعد أن كانت دعيت لحضور يستمر ساعة.
في الوقت ذاته أعلنت جهات معارضة سورية في الداخل، هيئة التنسيق الوطني وغيرها، رفضها حضور اجتماع لحوار السوريين يدعو إليه غير السوريين.
والحقيقة أن الحوار المزعوم الذي دعي إليه بالرعاية القطرية أو التركية، يقوم على مبدأ فتح مظلة مجلس إسطنبول لتعقد جلسات الحوار تحتها!! و هو شكل من أشكال الوصاية . ومن الطبيعي أن ترفض المعارضات الأخرى هذا الشكل من الحوار.. ولاسيما أنه بتقدير العقل هي أقوى بكثير من مجلس إسطنبول في الشارع السوري، حين يعلو صوت الحوار ويسكت صوت الرصاص. وهي العقدة التي تواجه إمكانات الحوار في سورية، أعني حسابات الشارع السوري وإلى أين يتجه؟! ومن الذي يستطيع أن يتولى السلطات المختلفة بموجب الحوار كبوابة لصناديق الاقتراع واختيار الهيئات القيادية التشريعية والتنفيذية؟.
كل المساعي الحميدة التي تعاملت مع الأزمة السورية وجدت نفسها بشكل طبيعي أمام بوابة وحيدة للوصول إلى الحل، هي بوابة الحوار.. وهو ما بات اليوم مقراً ومعترفاً به، بعد تراجع أوهام الغزو العسكري أو إسقاط النظام بالقوة المسلحة.
كانت تلك هي الحقيقة التي واجهت الأحداث منذ البداية.. أي أن بوابة التغيير وإطلاق سورية الجديدة، بنظامها السياسي الحديث.. هي بوابة الحوار.. لكن وهم استنساخ السيناريو الليبي التعيس، والاقتداء بالرؤية التي ابتكرتها المطامع التركية الأكيدة المتفاهمة مع رؤية المهرج السعودي الكبير المتصالح مع المهرج القطري الصغير، حال دون ذلك.
رغم انكسار أحلام الحل بالقوة العسكرية المسلحة، لاتزال حفلة التهريج السعودية القطرية تدفع بالاتجاه ذاته.. ولا يزال مجلس إسطنبول ينقاد لشهوة المال وحلم السلطة دون حسابات لحقيقة موقف الشارع السوري.
هذه الحالة تخلق أكثر من عقدة أمام المساعي الحميدة و ضمنها ما تحمله مهمة كوفي عنان التي يتحداها بالتأكيد الموقف السعودي القطري ولابد لعنان أن ينفصل بمهمته عن هذا الموقف الذي يدعو للتسليح حيث هو يقوم بمهمة سياسية.. ويستطيع أن يقدر اليوم الفرق الشاسع بين الموقفين الروسي والصيني من جهة، والموقفين السعودي والقطري من جهة ثانية.. وألا.. يترك مهمته تضيع في أجواء التهريج التي ضيعت مهمة جامعة الدول العربية، رغم ما قدمته سورية لتسهيلها.
أما الولايات المتحدة فهي رغم دعمها لمجلس إسطنبول شككت دائماً بإمكانات المعارضة السورية.. وتقف اليوم مع مهمة عنان.. وبالتالي لابد من الحوار.. فإن ظل مجلس إسطنبول رافضاً للحوار منقاداً لما يقوله المهرج السعودي الكبير والمهرج القطري الصغير.. ضيع الفرصة التي تتيحها مهمة عنان.. لذلك وكي لا تضيع هذه الفرصة التاريخية يسأل العقل: ما الذي يمنع فتح الحوار الوطني الجدي بين كل أطياف المعارضات السورية في الداخل والخارج الراغبة فيه وبين الموالاة أيضاً بأطيافها دون شروط مسبقة وعلى قدم المساواة..؟!
هل يستطيع كوفي عنان نقل مجلس إسطنبول ومعه أسلحته وأوهام المهرجين إلى الضفة الأخرى، وقاربه مصنوع من سياسة وحوار وتفاهمات..؟!
ننتظر.