يتوجه المعلمون غدا إلى صناديق الاقتراع ليضعوا اللبنة الأولى في صرحهم النقابي.
للمرة الأولى منذ أكثر من نصف قرن، سيكون للمعلمين نقابة في الأردن.قبل الربيع العربي، انتفض المعلمون على واقعهم التعليمي والأكاديمي، وخاضوا مواجهات مريرة إلى أن نالوا حقهم الشرعي في التمثيل النقابي.
نقابة المعلمين هي الإنجاز الأهم لعملية الإصلاح السياسي في السنوات العشر الأخيرة، والانتخابات التي ستبدأ غدا باختيار قيادات الفروع تمهيدا لانتخاب مجلس النقابة الشهر المقبل، ترتقي في أهميتها إلى مستوى الانتخابات النيابية.
ورغم بعض الملاحظات على الإجراءات التحضيرية للانتخابات من قبل المرشحين، فإن العملية تجري بسلاسة، وفي أجواء ديمقراطية صحية.
ومرد ذلك، في اعتقادي، إلى الخبرة التي اكتسبها المعلمون من خلال تجربة لجان المناطق والفروع التي تم انتخابها بشكل ديمقراطي العام الماضي، وتولت إدارة حراك المعلمين من أجل النقابة، وكانت بمثابة سلطة انتقالية لحين إجراء الانتخابات.
ورغم تعدد وتنوع الهيئات التمثيلية، إلا أن ذلك لم يكن على حساب الهدف النهائي للمعلمين.يدرك نشطاء المعلمين المخاطر التي تواجه تجربتهم الأولى، ولهذا يبدون حرصا كبيرا على عدم إغراقها في لعبة الاصطفافات الحزبية، أو اختطافها من قبل لون سياسي على حد تعبير رئيس اللجنة الوطنية للمعلمين مصطفى الرواشدة.
سيكون للنقابة دور وهوية وطنيان كما قال الرواشدة، لكنها ولدت في الأساس للدفاع عن حقوق المعلمين والارتقاء بالعملية التربوية.
وبرامج المرشحين الانتخابية تعكس بوضوح أولويات المعلمين: صناديق للتقاعد والتعليم والإسكان والتأمين الصحي، وتحسين الزيادات السنوية، وتعديل أسس الترفيعات الخاصة، وغيرها الكثير من المطالب المتراكمة منذ سنين طويلة.
معلوم أن القوى الحزبية ليست غائبة عن الانتخابات؛ فللإسلاميين قوائمهم، ولليساريين والقوميين حضورهم، إلى جانب تيارات وطنية أخرى ومستقلين.
وهذا أمر طبيعي، لكن غير المقبول هو تحويل نقابة بحجم نقابة المعلمين إلى منبر لتنفيذ أجندات حزبية ضيقة، وسبغها بلون حزب سياسي.
وإذا كانت الأحزاب مطالبة باحترام مهنية النقابة واستقلالها عن التجاذبات الحزبية، فإن أجهزة، الدولة أيضا مدعوة إلى عدم التدخل في الانتخابات، أو تحويلها إلى ساحة صراع مع الإسلاميين لتبرير التدخل في شؤونها.
نجاح المعلمين في تنظيم أوسع عملية اقتراع في تاريخهم وتاريخ العمل النقابي الأردني، مكسب كبير للأردن ولتجربة التحول الديمقراطي، يتعين على جميع الأطراف دعمها بدل التكالب عليها.
بفضل نضالهم وحدهم انتزع المعلمون النقابة، فما من أحد له حق الانتفاع بثمار النصر غيرهم
الغد