على أهمية محتوى قمة سيؤول الأخيرة، كان اللقاء الذي تم بين الرئيسين الاميركي أوباما والروسي ميدفيديف حالة استثنائية اختلط فيها العديد من الاهتمامات، من المؤكد أن أبرزها كان الملف السوري .. وجهتا نظر ازائه وحتى النظرة الى مبادرة كوفي انان، قد تكون مختلفة ايضا. بين موسكو وواشنطن ليس فقط مسافة كبيرة من الكيلومترات، بل بينهما مسافة من الرؤى التي تحتاج لتفاهم من جديد، يتدرب فيها الطرفان على صحوة روسية تتمثل فيها القوة العسكرية وخصوصا حرب النجوم التي تعود اليها روسيا وهي في عز قوتها الاقتصادية، فيما كانت وجه البلاء الذي لحق بالاتحاد السوفييتي والذي كان أحد أسباب انهياره، في وقت تبدو فيه الولايات المتحدة غير قادرة على اللحاق بالروسي الآن في هذا المجال المكلف نتيجة أوجاعها الاقتصادية والمالية.
واذا كانت تلك القمة بن القويين تعني هذا كله، فإن القمة العربية التي ستلتقي غدا بالقليل من القادة العرب، أقل وأضعف تأثيرا على الملف السوري، من قمة الجبارين. فما يهتم به الاثنان يتأثر به العرب مباشرة وغير مباشر، بينما لا تنتج القمة العربية سوى مواقف كلامية لاتأثير لها ولا مؤثرات، فكيف اذا كان الحضور القيادي العربي على هذه الشاكلة ، إنه الرسوب في امتحان اعتبار أي موقف من الأزمة السورية قادرا على التنفيذ او حتى مجرد التأثير.
لعبة الأمم التي تدور رحاها في العالم، يقرر فيها الكبار كالعادة ما يمكن إملاؤه على البقية الباقية من الدول والشعوب، وفي طليعتها العرب الذين لم يستطيعوا ترجمة حضورهم وحاجة العالم النفطي اليهم، وقد لايستطيعون لزمن طويل سوى تحقيق فراغ باتت تملأه اسرائيل وتركيا وحتى ايران.. واذا كان ليس للعرب مشروعهم الخاص، فان للدول الثلاث مشروعهم وان اختلفت طبيعته أو أداؤه.
هو إذن الفرق بين قمة التأثير وقمة بلا أثر.. الأولى تملك المشروع والقدرة والامكانية والقوة، والثانية لاتملك سوى محميات مقادة من الأولى، متفاعلة مع ضعفها الى أبعد الحدود، ورصيدها العالمي يصل حدود الصفر. وهكذا تصبح الأولى، قائدة للعالم وتلك هويتها الأممية، فيما تصبح الثانية منقادة بتلك التبعية التي ستظل وجهها، او هو التحكم الأبدي إن لم تتفهم مصالحها الذاتية التي تقوم فقط على وحدتها التاريخية.
مشى أوباما ومعه ميدفيديف على حلم الاتفاق حول ضرورة الانسجام خوفا من تصاعد الحرب الباردة بينهما، ومع ذلك اقرار بالفجوة بينهما وبعدم وجود تطابق في المواقف وفي تبني الملفات العائدة لكل منهما. لمسؤولية كبرى تعود إلى الطرفين، ستكون الرد على سياسة القطب الواحد الذي فعل فعله في الكرة الأرضية.
