كان مفاجئا الاجتماع الذي عقدته لجنة الحوار الوطني في نادي الملك الحسين أول من أمس
. إذ لم يتوقع أحد أن تعقد اللجنة اجتماعا خاصا بها، بدون طلب من الحكومة، لمناقشة التطورات السياسية، خصوصا تلك المتعلقة بتوصياتها حول قانوني الانتخاب والأحزاب.
اللجنة، وبعد أن تقدمت بتوصياتها في شهر أيار (مايو) الماضي، كان التقاها رئيس الوزراء آنذاك معروف البخيت، وبحث معها النظام الانتخابي المقترح من قبلها.
ثم التقاها لاحقا، بداية هذا العام، رئيس الوزراء الحالي عون الخصاونة، وبحث معها رؤيتها للإصلاح.
وفي المرتين كان الانطباع أن الحكومة لن تأخذ بتوصيات اللجنة فيما يتعلق بالنظام الانتخابي.
وهذا ما إشار اليه رئيس مجلس الأعيان، رئيس اللجنة طاهر المصري، في تصريحه الى “الغد” أول من أمس، عندما تحدث عن شعور تولد لدى أعضاء اللجنة في الأشهر الماضية، بوجود تجاهل حكومي لمخرجات عملها فيما يتعلق بقانوني الأحزاب والانتخاب.
ويبدو، من التصريحات والتسريبات، أن اللجنة في اجتماعها حاولت التذكير بمخرجاتها، لاسيما بعد الحوارات التي أجرتها الحكومة الأسبوع الماضي مع الأحزاب السياسية والنقابات المهنية حول قانون الانتخاب، إذ جرى التأكيد كثيرا خلالها على النظام الانتخابي المقترح من قبل اللجنة.
فاللجنة، وبتوافق أعضائها، تبنت النظام الانتخابي المختلط الذي يجمع بين القائمة النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة وخصصت لها 115 مقعدا، والقائمة النسبية المفتوحة على مستوى الوطن، وحددت لها 15 مقعدا. وبحسب المعلومات التي تسربت من المطبخ الحكومي، فإن الحكومة تميل، بعد أن حاورت القوى السياسية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني، إلى اعتماد النظام الانتخابي المختلط.
ولكنها لم تحسم بعد موضوع القائمة النسبية على مستوى الوطن، باتجاه أن تكون قائمة مفتوحة أو مغلقة، إضافة إلى عدد المقاعد التي تخصص لها.
فهي عليها أن تدرس هذه النقطة بحرص وبدقة، لاسيما أنها استمعت إلى رأي الجبهة الوطنية للإصلاح، والتي تضم غالبية الأحزاب والقوى والشخصيات المعارضة، والتي أكدت للحكومة تمسكها بضرورة “اعتماد” القائمة النسبية المغلقة على مستوى الوطن، وتقسيم الدوائر الانتخابية بصورة متقاربة في العدد.
من الواضح أن من أهداف اجتماع لجنة الحوار الوطني تذكير الحكومة بمخرجات وتوصيات اللجنة، والتي تتوافق، بالمجمل، مع طروحات الأحزاب والقوى السياسية المعارضة والوسطية، وإن اختلفت في التفاصيل.
والاجتماع كذلك رسالة للحكومة، مفادها أنها مهما حاولت الابتعاد عن مخرجات اللجنة، فإنها لن تتمكن من ذلك.
فاللجنة، وعلى مدار عدة أشهر، درست كل التفاصيل المتعلقة بالنظام الانتخابي، واستمعت إلى الآراء المتعددة حولها، وتوصلت إلى شبه توافق وطني حول نظام انتخابي ترى أنه مناسب للأردن، ما يستدعي من الحكومة تبنيه والتعامل معه بجدية أكبر.
من الواضح أن أياما قليلة تفصلنا عن الانتهاء من وضع مشروع قانون الانتخاب، والذي ستحيله الحكومة إلى مجلس النواب؛ فالحكومة التزمت في بيانها الوزاري بتقديم المشروع للنواب نهاية آذار (مارس) الحالي، وهي ملزمة بذلك.
ولهذا، فإنها مطالبة بتقديم أفضل مشروع، وبما يساهم فعلا في تقدم العملية الديمقراطية لا إضعافها، وبما يدعم الحياة الحزبية والنيابية على أسس برامجية ووطنية.
من الممكن للحكومة تبني مقترح لجنة الحوار الوطني على هذا الصعيد، مع تطويره بما يتناسب مع دعوات الجبهة الوطنية للإصلاح، لأنها الإطار الذي يجمع تقريبا غالبية قوى وأحزاب المعارضة.
صحيح أن أي مشروع تقدمه الحكومة للنواب سيكون عرضة للتغيير والتعديل من قبل مجلس النواب صاحب الحق الدستوري في ذلك، ولكن الحكومة تستطيع الدفاع عن مشروعها إذا كان يلبي طموح المواطنين، وغالبية القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني.
وهذه الفاعليات ستقف مع المشروع الذي ترى أنه الأنسب، عندما يناقشه مجلس النواب. كما أن المجلس لا يستطيع الابتعاد عن نبض الشارع على هذا الصعيد.
وإذا ما نظرنا إلى التعديلات التي أدخلتها اللجنة النيابية المشتركة (القانونية والحريات العامة) على مشروع قانون الأحزاب، فإننا سنتفاءل بالتعديلات التي يمكن أن يدخلها مجلس النواب على مشروع قانون الانتخاب.
فاللجنة المشتركة بادرت إلى إلغاء إشراف وزارة الداخلية على الأحزاب، وفق ما نص عليه المشروع المحال لمجلس النواب من الحكومة، وأناطت اللجنة بوزارة العدل هذه المهمة.
كما أنها خفضت عدد المؤسسين من 250 إلى 200 شخص. كما خفضت سن العضو المؤسس للحزب من 21 إلى 18 عاما.
هي أيام حاسمة في عملية الإصلاح، فهل تنجح الحكومة في هذا الاستحقاق؟ نتمنى جميعا ذلك
الغد