عاد شباب 24 اذار الى موقع دوار الداخلية في ذكرى اعتصامهم الاول الذي جوبه بالاعتداء من قوات الامن واوقع العشرات من المصابين, العودة الجديدة كانت اكثر تنظيما من المرة السابقة ولم يحصل فيها اي احتكاك حتى ان قوات الامن منعت “المناوئين” من الاقتراب من الدوار, الى ان انتهت الفعالية بسلام وعاد الجميع الى بيوتهم.
والحقيقة ان العودة الجديدة للدوار لم تختلف كثيرا في شعاراتها “الساخنة” عن سابقاتها قبل عام لكن الاختلاف كان بالاشخاص, فقد كانت الاغلبية الساحقة من شباب وشابات جماعة الاخوان المسلمين وبضع اشخاص من تيار 36 ومثلهم من النشطاء اليساريين والليبراليين.
لكن غاب عن المشهد الجديد نشطاء الحراكات الشبابية في المحافظات وخاصة من الطفيلة والكرك وذيبان وبني حسن والاحزاب اليسارية والقومية (حشد, الشيوعي, الوحدة الشعبية, البعث… والتيارات القومية او اليسارية او اليسار الاجتماعي او المتقاعدين العسكريين مع انهم كانوا مشاركين اساسيين قبل عام وفي المكان نفسه.
الهتافات التي علت بها حناجر الشباب والشيب كانت كما يقال “عالية السقف” والمقصود هنا الهتافات التي تشير الى “إسقاط النظام” فأن بعض الشباب المتحمسين اطلقوها وخاصة عندما وصلت المسيرة القادمة من مجلس النواب الى الدوار وكذلك الهتافات المناوئة للرئيس السوري بشار الاسد بقولهم ” بشار إنشلع وده, لم إغراضك يلي بعده” اضافة الى إعادة “دبكة الجويدة”!
لا اعتقد ان من العقل على اي طرف سياسي ان يؤيد مثل تلك الهتافات او التصرفات لانها غير مقبولة لا هي او حتى “اسقاطاتها الخارجية” لان الامر مختلف تماما, الا اذا كان المقصود إيصال رسائل من الشارع الى النظام او الحكومة في غمرة الحوار والصراع الدائر حول مشروع قانون الانتخاب.
ويبدو ان لهجة التصعيد في الهتاف على الدوار من شباب “الاخوان” لا تتناسب وحالة وفاق”الجماعة” مع الحكومة وحتى النظام, في ظل الهدوء النسبي الذي شهدته العلاقة بالاتجاهين خلال الشهرين الاخيرين والتي وصلت في البعض الى حد الدفاع عن الحكومة ورئيسها, وما رافقه من هدوء في مسيرات وسط البلد.
لا ننكر حق اي طرف سياسي او اجتماعي في أن يضغط من اجل تحسين شروطه التفاوضية لتأمين مصالحه الذاتية في قانون معين او اجراءات معينة لكن هل من الضرورة السماح للشباب المندفع ان يذهب الى اقصى ما عنده لتوتير الشارع بالهتافات “غير الواقعية” وغير المقبولة من القوى السياسية عامة وعلى رأسها جماعة الاخوان المسلمين التي تبدي حرصها الدائم على النظام الذي تعتبره سقفها الذي لا يمكن تجاوزه.
هل توتير الشارع مسألة قابلة للضبط واسترجاع الهدوء في اية لحظة? هل هناك خلاف بين “الشباب” وقياداتهم ام ان هناك غلوا وطيشا?
تجارب الشعوب أن التاريخ صنعه الواقعيون العمليون وليس الحالمون .
العرب اليوم