عندما ينتقد مجلس اسطنبول بيان مجلس الأمن حول سورية، فهذا يعني بوضوح أن الدوحة والرياض وأنقرة وغيرها من عواصم أعداء سورية تلمست هزيمتها على الساحة الدولية في مشروعها الهادف إلى التدخل عسكرياً وفرض مشاريع حلول وضعت في دوائر الغرب، ولذلك علينا أن نتوقع، وكما عودتنا الفترة السابقة، تصعيداً ميدانياً سواء في جرائم المجموعات الإرهابية المسلحة أم في الحملة الإعلامية المضللة والتحريضية ضد سورية.
فالبيان نحا بمضمونه اتجاهاً معاكساً تماماً لما قامت عليه السياستان القطرية والسعودية حيال الأحداث في سورية لجهة عدم اعتراف الدولتين بوجود مجموعات مسلحة ودعوتهما إلى تسليح “المعارضة” السورية، ومحاولة فرض “مشاريع” خارجية مسبقة النتائج على السوريين، بينما بيان مجلس الأمن أكد على وجود مجموعات مسلحة تستهدف المدنيين، وعلى أهمية إطلاق حوار سياسي لحل الأزمة تقوده سورية.
لذلك، وفي ضوء ما حمله بيان مجلس الأمن، فإن أخطر ما يهدد مهمة المبعوث الأممي كوفي عنان في سورية يتمثل في السياسة التي تعتمدها بعض الدول العربية والإقليمية من الأحداث في سورية كقطر والسعودية وتركيا، والتي عوضاً عن دعم مهمة عنان بما تملكه من نفوذ لدى المجموعات الإرهابية المسلحة والمعارضة السورية الخارجية، فقد عمدت إلى تأجيج هذه الأحداث والسعي لقيادتها في اتجاه آخر، وهذا ما تؤكده الأنباء التي تحدثت عن زيادة تسليح الرياض للعصابات المسلحة في سورية وإعلان أنقرة عن دراسة إمكانية إقامة منطقة عازلة، بينما الدوحة مستمرة في التسويق لاقتراحها بإرسال قوات عربية ودولية إلى سورية ودعمها للإرهاب فيها.
ومن هنا, فإن ما قاله المندوب الروسي في مجلس الأمن، من أن منع تهريب السلاح إلى سورية هو أحد الشروط الرئيسية لنجاح مهمة عنان، يحدد بوضوح المطلوب عربياً وإقليمياً لإنجاح مهمة المبعوث الأممي، الأمر الذي يقودنا إلى طرح تساؤل آخر مهم وهو: ماذا يمكن أن يفعل مجلس الأمن إذا استمر تهريب السلاح بدعم وتمويل دول أصبحت معروفة، وباعتراف وسائل الإعلام الغربية وأجهزة الاستخبارات ومراكز الأبحاث؟!.
ربما كان من المستبعد طرح مثل هذا التساؤل قبل عدة أسابيع بالنظر إلى طبيعة التحالف الغربي- العربي ضد سورية، إلا أن ما قادت إليه مقاومة الشعب السوري وانكشاف جرائم المجموعات الإرهابية من تحول كبير في مواقف الدول الغربية، يجعل من محاسبة الدول والجهات المتورطة في سفك الدم السوري مهمة قادمة..لن يتنازل عنها السوريون.