إنّ الفتاة المغربية التي أقدمت على الانتحار في المغرب, بعد إجبارها على الزواج من مغتصبها, أثارت ضجة اجتماعية كبرى في المغرب والعالم العربي والإسلامي حول هذه الجريمة, وحول العقوبة المترتبة عليها, وحول سماح القوانين بزواج المغتصبين من ضحاياهم.
وأود أن أبيّن حقيقة يغفلها كثير من الناس, ويتغافل عنها المغرضون والخصوم الذين يريدون طمس الحقائق واستغفال المجتمع, حيث انّ جريمة الاغتصاب تُعد في الشريعة الإسلامية من أبشع الجرائم وأخطرها على المجتمع, وهذه الجريمة التي تكون عادة مصحوبة بالخطف أو استعمال السلاح أو استخدام العنف والترويع تعتبر من جرائم “الحرابة” التي تهدد أمن المجتمع واستقراره, ولذلك رتب الإسلام عليها عقوبة قاسية وشديدة من أجل تحقيق الردع والوقاية, وتصل العقوبة حدّ القتل والصلب, وقطع الأطراف; ليكون عبرةً على مدى الدهر.
وعندما كنت استمع الى برنامج تلفزيوني وإذاعي لإحدى المحطات الشهيرة عن هذا الموضوع, وتمّ الحديث مع نشطاء في مجال حقوق الإنسان وشخصيات معروفة ومسؤولين, لفت انتباهي أنّ بعض هؤلاء يعتقد أنّ هذه الفعلة التي تمت في المغرب هي من مخلفات “الإسلام”, والعادات والأعراف المغربية.
أن يقول هذا المغفل أنّها من العادات والأعراف المغربية ربما يكون ذلك صحيحاً, أمّا أن ينسب هذا الى الإسلام, فهو جهل مركب, ونوع من الكذب الرخيص الذي يراد من خلاله تشويه عقيدة هذه الأمة, وجوهر مشروعها الحضاري وتأتي في سياق حملة التشويه الكبيرة التي يقودها تحالف أعداء هذه الأمة مع الجهلة والفاسدين الذين يحاولون إماتة المشروع النهضوي العربي الإسلامي الكبير.
من المعروف أنّ الإسلام يحارب الزنا ويمقته مقتاً شديداً ويعده جريمة اجتماعية كبيرة تؤدي الى إثارة الفتنة واختلاط الأنساب وزعزعة أواصر المجتمع, والزنا يكون عادة برضا الطرفين, الذي تحلّه بعض القوانين المعاصرة فكيف اذا تمت إضافة جرائم أخرى, مركبة الى هذه الجريمة, بان تكون باستخدام القوة والعنف والترويع والخطف, واستغفال القاصرات, فهي في نظر الإسلام جريمة مروعة لا يجوز التهاون فيها; لأنّها اعتداءٌ على الحق العام واعتداءٌ على المجتمع كلّه, قبل أن يكون انتهاكاً للعرض وإساءة الى الشرف, واعتداءً على الحرية والإرادة.
ولذلك ينبغي على الحكومة المغربية أن تستأصل هذا العرف البشع وان تثأر لهذه الفتاة وكل الفتيات اللواتي تعرضن لهذا الانتهاك الخطير, ويجب أن يعلم الناس أن الإسلام جاء لحفظ الأنفس وحفظ الأعراض وحفظ الأمن وحفظ الأموال وصيانة الكرامة وتقديس الحرية وإشاعة الاستقرار والرفاه والتعاون, وأن يتم وضع تشريعات عقابية صارمة ورادعة بحق الذين يرتكبون جريمة الاغتصاب باعتبارها جريمة مروّعة بحق المجتمع كله, وأنّها من جرائم الحرابة الخطرة.