هذه الايام،يخضع ملف تفويض الاراضي في المملكة،الى دراسة ُمعّمقة داخل هيئة مكافحة الفساد،لان هناك عشرات الآلاف من الدونمات التي تم تفويضها لمسؤولين سابقين ولمواطنين،وتمت تغطية عملية التفويض بقرارت حكومية.
هذا الملف كبير جداً ومعقد،وفي كل محافظة هناك اراض ٍتم تفويضها،لمسؤولين ولمواطنين،ومسؤولية الحكومات السابقة في تفويض الاراضي،مسؤولية خطيرة جداً،لان العملية خضعت لمعايير غير منطقية في اغلب الحالات.
اسماء المسؤولين الذين حصلوا على اراض بالتفويض اقل من اسماء المواطنين،الذين تم تفويضهم الاراضي،وفقاً للمعلومات،غير ان اغلب المواطنين الذين تم تفويضهم اراضي،نالوا دعما من مسؤولين نافذين،ساندوهم في عملية التفويض!.
عبر وضع اليد على الارض مباشرة،ثم الضغط لتفويضها،او عبر الواسطات والنفوذ،او عبر العلاقات،تم تفويض اراض مساحاتها كبيرة،خلال السنين الفائتة،وعملية التفويض جرت بشكل قانوني،وُمغطى جيداً بقرارات واتفاقيات في حالات اخرى.
مهمة هيئة مكافحة الفساد صعبة جداً،لان تفويض الاراضي تم بقرار رسمي،وضمن تكييفات قانونية،غير ان مراجعة كل قرارات التفويض،ستثبت ان هناك «نهباً ُمنظماً» في حالات كثيرة لأرض البلد.
هذا في الوقت الذي لا يجد فيه الانسان العادي نصف دونم،من اجل البناء عليه،ولايحصل الموظف العامل او المتقاعد،على قطعة ارض في منطقته،من اجل البناء ايضا،وفي الوقت الذي تملك فيه الدولة اغلب الارض،ولا يتم توزيعها على الناس.
اذا كانت الحكومة تريد محاربة الفساد،فعليها ان تشكل لجنة من الخبراء والقانونيين، لتعمل مع هيئة مكافحة الفساد،من اجل مراجعة كل قرارات التفويض،وعلى اي ارضية تمت،وامكانية نقض قرارات كثيرة،واستعادة الارض.
استعادة الارض للناس والخزينة،معيار مهم،ورئيس الحكومة سبق وان صّرح ان هناك نية لاستعادة مقدرات البلد التي تمت خصخصتها،والاولى ان تتم استعادة الارض التي تم تفويضها.
ساهمت الحكومات السابقة في منح الفساد مظلة قانونية،عبر اشكال جديدة،فالفساد ليس مجرد مد اليد والسرقة من المال النقدي،وهناك قرارات كلفت الدولة اضعاف الفساد العادي،ابرزها الاختلالات في ملف تفويض الاراضي.
لم يصل البلد الى وضعه الحالي الصعب جدا،لولا الكوارث التي ارتكبتها حكومات سابقة،عبر قراراتها،وعبر سياساتها،التي أوصلتنا الى مديونية فلكية،وأسوأ أحوالنا هذه الايام،لدرجة الشك في كل شيء،بعد انكشاف كل شيء.
هل تقدر الحكومة الحالية،وهيئة مكافحة الفساد،ان تعلنان قائمة بأسماء من تم تفويضهم اراضي،في كل المملكة،ومساحات القطع،ومقابل ماذا،وعلى اي اساس،بما في ذلك اراضي الاغوار الزراعية،ودور كل حكومة في هذا الصدد؟!.
كرم الحكومات السابقة الانتقائي على البعض،مؤسف،وعلى هذا نريد من الحكومة الحالية ايضا،ان تدرس مشروعا،لتوزيع قطع اراض في المحافظات على العاملين والمتقاعدين،بدلا من ترك عشرات الاف الدونمات،بلا بناء او زراعة.
لننتظر مفاجآت هيئة مكافحة الفساد،حول هذا الملف الجديد جداً،الذي يتم التدقيق في الكثير من اوراقه هذه الايام،واي ضغط من اجل «لملمة الطابق» سيكون مكشوفاً وواضحاً،ومداناً ايضا!.