د. صالح لافي المعايطة/
المرحوم مشهور حديثة / قائد معركة الكرامة
بعد حرب عام 1967 عاشت اسرائيل نشوة النصر ورفعت شعارها المعروف (الجيش الذي لايقهر) وارادت ان تستثمر هذه النشوة بالقيام بالعدوان صبيحة يوم 21أذار 1968 على الاردن بعملية عسكرية واسعة على طول الواجهة الاردنية ومن اربعة مقتربات هي:العارضة،سويمة،وادي شعيب،وغور الصافي،إضافة الى إنزال مظلي على منطقة الكرامة.
كانت إسرائيل تهدف من هذا العدوان الى إرغام الاردن على قبول التسوية والسلام التي تفرضه بالقوة ،والى وضع موطيء قدم على المرتفعات الشرقية لنهر الاردن بقصد كسر الارادة الاردنية وتوجيه ضربات قوية ومؤثرة الى القوات الاردنية ،وزعزعة الروح المعنوية والصمود عند السكان المدنيين وإرغامهم على النزوح وتفريغ الاغوار من المزارعين للتأثير على الامن الغذائي الاردني .
كان يوم 21 اذار من عام 1968 هو يوم كرامة لكل العرب حيث انتصرت الارادة الاردنية على الغطرسة الاسرائيلية وسجل أبطال ونشامى الجيش العربي صفحات من نور وهم يقهرون العدو المتغطرس ويلغون مفهوم الجيش الذي لايقهر ويجعلون من اسرائيل ان تطلب وقف إطلاق النار لإول مرة في حيا تها وتترك جرحاها وقتلاها في ميدان المعركة حيث رد جلالة الملك الحسين رحمه الله الذي كان يقود المعركة بنفسه عندما طلبت وقف إطلاق النار لإول مرة في عملياتها العسكرية حيث قال جلالته(لن نوقف إطلاق النار طالما هناك جندي اسرائيلي شرق النهر).ليبقى النهر اردنياّ ولتزداد عزة وكرامة بلدة الكرامة التي اسقبلت اول موجة من اللاجئين الفلسطينيين بعد
عدد من شهداء الكرامة الابطال
نكبة عام 1948 حيث زارهم جلالة الملك الشهيد عبدالله الاول وقال لهم عبارته المشهورة(أنتم لستم في مخيم بل أنتم موقع الكرامة ) ومنذ ذلك الوقت اطلق اسم الكرامة على بلدة الكرامة وهذا ما تشير اليه الوثائق التاريخية.
لأول مرة لم تنجح اسرائيل في تحقيق أهدافها عندما خططت للعدوان على الاردن ويعود هذا الى شجاعة وارادة الجيش العربي وتماسك الجبهة الداخلية والتفافها حول القيادة السياسية وبشهادة قادة العالم كله وقادة إسرائيل أنفسهم حيث قال الجنرال حاييم بارليف رئيس اركان الجيش الاسرائيلي الاسبق (إسرائيل فقدت في هجومها الاخير على الاردن خسائر تعادل 3 أضعاف ما فقدته في حرب حزيران1967 ولم تتعود اسرائيل على مثل هذا النوع من العمليات )،كما ذكرت معظم الصحف الغربية ان الجيش الاردني قاتل بشجاعة وارادة ومعنويات عاليةوان جلالة الملك الحسين رحمه الله اصبح بعد المعركة بطل العالم العربي.
من خلال التحليل العملياتي لمجريات سير العمليات والتكتيكات التي استخدمتها القوات المسلحة الاردنية يمكن الخروج بالحقائق والاستنتاجات التالية:
*استمرت المعركة 16ساعة فقط تكبدت فيها اسرائيل 250 قتيلا و450 جريحا وتدمير88 آلية (27 دبابة،24 سيارة مسلحة،19 سيارة شحن ،واسقاط طائرتين).
*بالمقابل قدم الجيش العربي 86 شهيداّ و108 جرحى وتدمير 13 دبابة و39 الية مختلفة.
*هذا النصر الكبير والعظيم لم يأت من فراغ بل كان وراءه قيادة هاشمية وإرادة قوية وإعداد معنوي للجبهة الداخلية وتحضير إستخباري لميدان المعركة ،ومن هنا علينا ان نتوقف عند هذه الذكرى العظيمة وننرسخ هذه الذكرى في منهاجنا الدراسية من رياض الاطفال والمدارس وصولاّ الى المعاهد والجامعات من خلال الزيارات المتكررة لمواقع المعركة على طول الواجهة والوقوف عند صرح الجندي المجهول لقراءة اسماء شهداء الجيش العربي في معركة الكرامة لنجعل من ابنائنا واحفادنا هم خط الدفاع الاول عن تراب وثرى الوطن الغالي وعلينا ان نحيي المستيقظين في الثغور الذين يحرسون الوطن بصدورهم وعيونهم،فسلام على شهداء الكرامة الذين اجبروا إسرائيل على الا نسحاب تاركة قتلاها وجرحاها وسلام على بواسل الجيش العربي (أعز ما لنا وأغلى ما فينا).
Doctor.saleh1@hotmail.com