تلك المتفجرات التي تقتل وتميت او تترك جروحا لاتندمل ستظل عارا على من ينصبها فخوخا امام الناس الذين يأكلهم القلق على المصير. قلقان واحد من المتفجرات والثاني على المصير يصنعان وطنا لاسبيل له سوى التحدي. كنا نقول في لبنان ابان موسم التفجيرات ان اللبناني يعيش بالصدفة ويموت بالصدفة، وهاهو العراقي صار على موعد مشابه، ثم افتتح الأمر في سوريا. رغبة القتل في العقول المريضة لأي جهة انتمت لن تثمر مايشتهي اصحابها. كلما تعرض المجتمع لحالات كهذه ازداد تماسكا وتعصبا، لكنها لن تخرج السوريين عن حدود رسموها لأنفهسم منذ التواريخ القديمة التي ظلت فيها سوريا الى الأن مالكة لاسرارها الكبيرة: مرة يوم سئل النبي محمدا عن سبب عدم دخوله دمشق فقال لااريد ان أرى الجنة مرتين، ومرة حين قال الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ان سوريا قلب العروبة النابض وهو كلام كبير لجغرافيا اوسع مما هي عليه جغرافية سوريا المعروفة، ثم مافعله صلاح الدين الايوبي حين اكتشف بعقله الاستراتيجي الكبير ان من يقطن دمشق يطل على القدس حتى كأنه يمسكها بيده، ولهذا قرر السكنى فيها ومات ودفن على مقربة من جامعها الاموي. ثم هنالك سر رابع اعفي نفسي من الاجابة عليه.
بات اللاعبون كثرا في الحياة السورية الامنية. من الواضح انه كلما انتصر السوريون عسكريا يتم اتعابهم بتخريب الأمن عبر تصيد الناس القلقين والمرهقين والخائفين لكنهم غير مذعورين على مستقبل وطنهم. فمرة أخرى تلعب النار في العاصمة السورية التي مازالت عصية على أهل السوء. ومرة اخرى يتكرر المشهدان اللبناني والعراقي ليتحولا الى حالة .. السيارات المفخخة تخلق ذعرا بعد انفجارها أكثر مما تصنعه اثناء التفجير. لكن حيوية المجتمع تبقى هي الحقيقة التي يصعب تحطيمها كما يتصور المراهنون. هنالك عبثية في القتل قد لايعرفها الذين قرروها، لكن هنالك ماهو الذي نحذر منه، الاغتيالات السياسية وخصوصا القادة. كلما تضايق اللاعبون من التأثير على النظام سيلجأون الى المتفجرة التي لعلها بعرفهم ترفع وتيرة العداء ضد الدولة التي يريد اللاعبون اسقاطها.
لن يتعب الشعب السوري مع ان اخصامه تعبوا، وتبدو حركتهم الاخيرة في توزيع التفجير على احياء العاصمة وكأنها رسائل تنم عن حالة يأس لديهم . هم بذلك يستعملون آخر مافي جعبتهم، والتي هي نموذح للحقد القائم على خيبة الأمل. كلما ربح النظام في سوريا زادت وتيرة التفجيرات والاغتيالات. معادلة بسيطة فهمناها كثيرا في الحياة اللبنانية وفي الحياة العراقية ولسوف نراها جلية في سوريا.
زهير ماجد