أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في JO1R FORUM | منتديات شباب و صبايا الأردن، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

مالتوس يقود العالم

الوقت ينفد؛ ومهمَّة إنقاذ البشر تتعسَّر؛ فالعالم الذي يتسارع نموه السكَّاني لن يَجِد، عمَّا قريب، من الغذاء والمياه والطاقة ما يكفيه، وكأنَّ مزيدًا من



16-03-2012 07:16 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 22-12-2011
رقم العضوية : 48,213
المشاركات : 8,783
الجنس :
قوة السمعة : 429,526,866
الوقت ينفد؛ ومهمَّة إنقاذ البشر تتعسَّر؛ فالعالم الذي يتسارع نموه السكَّاني لن يَجِد، عمَّا قريب، من الغذاء والمياه والطاقة ما يكفيه، وكأنَّ مزيدًا من الجوع والعطش والبرد، مع مزيدٍ من “الفائض السكَّاني (النسبي)”، والخراب البيئي، هو مستقبل “القرية العالمية”.
هذا هو فحوى تقرير جديد للأمم المتحدة التي طالما قَرَعت ناقوس الخطر؛ لكن لا آذان تَسْمَع.
الجوع هو وحش العولمة الذي يفترس فقراء العالم, أي غالبية البشر؛ فهل من قِلَّة أم من كَثْرة في الغذاء يجوع العالم?
الليبرالية الجديدة, هي اليوم، حرة طليقة, لا رادع يردعها, ولا قوى تقاوِمها, و”تؤنسن” ما تيسر من “وحشيتها”؛ وهي تُرينا، في وضوح أكثر من ذي قبل، تناقضها المنافي للعقل؛ فمِنْ فيض في الغذاء, يُنْتَج, ويُعاد إنتاج, الجوع الجماعي ـ العالمي, وكأنَّ العالم لا يُنْتِج من الغذاء ما يكفي لتلبية حاجة البشر كافة إليه إلاَّ ليجوع أكثر!
لقد انْتَزَعت الليبرالية الجديدة المنفلتة من عقالها، والتي تمسك بقبضة من فولاذ (تلبسها قفازًا ناعمًا من حرير هو “الديمقراطية”;) بخناق العالم, من أيدي البشر كل الوسائل التي بها يمكنهم “إنتاج شبعهم”, فارضةً عليهم, من ثم, أن يستنفدوا جُلَّ وقتهم وجهدهم في البحث عن “الرغيف”, وأشباهه, فشرعت “شمس الحضارة” تغرب عن غالبية البشر.
الفقر ليس قدرًا, وليس بالظاهرة التي يمكن إلباسها لبوس الحتمية التاريخية, أو النظر إليها مع أسبابها على أنها فطرة الطبيعة التي فطر الناس والمجتمعات الإنسانية عليها. إنَّه كبرى الجرائم المنظَّمة, ومَصْدر كل شر اجتماعي وأخلاقي وسياسي; وإنَّه الجريمة التي تعدل شرط بقاء لمرتكبيها.
الفقراء, الذين, سنويا, يموتون بالملايين جوعا, وبسبب أمراض الفقر, أين يعيشون؟
إنهم يعيشون في عالم يُنْتِج من الغذاء أكثر كثيرًا مما يَسْتَهْلِك؛ إنهم يعيشون في عالم الوفرة الغذائية; ومع ذلك يحاصر الجوع والمجاعة مئات الملايين من البشر!
وإنها الظاهرة نفسها.. ظاهرة “الغزارة في الإنتاج (الغذائي) والظلم في توزيعه”, فالليبرالية الجديدة, ومهما سعوا في أنسنتها, مع أنها, في العولمة, وبالعولمة, تميل إلى مزيد من الوحشية, لا تبقى إلا بالإبقاء على الفقر والفقراء, فالفقر مع كل منتجاته الاجتماعية والسياسية والروحية, هو خير مجال تستثمر فيه المال والقوة والنفوذ!
بالفقر, والإفقار, يخلقون بشرا على مثال مصالحهم الفئوية الضيقة, ويشدِّدون الميل لدى كثير من الناس المهدَّدين بالموت جوعا إلى التخلُّق بأخلاق العبيد, ويجعلون البشر وقودا لحروبهم, التي يشحنونها بكل عصبية تعمي الأبصار والبصائر, وتُلوِّن الجريمة بلون الفضيلة, ويسلِّعون كل ما ينبغي لنا تنزيهه عن التسليع كالمبادئ والقيم الأخلاقية والإنسانية, فتزدهر تجارة الذمم والضمائر والمواقف..
حتى مشاعرنا الإنسانية نستثمرها في الفقر؛ فالجائع نبحث عنه لنطعمه يوما ولو جاع بعد ذلك دهرا؛ فهؤلاء لديهم من المصالح ما يزيِّن لهم إنتاج مئات الملايين من البشر المهدَّدين بالموت جوعًا، أو بأمراضٍ متأتية من نقص وسوء التغذية، وهم لا يكترثون لمئات الملايين من البشر الذين ما عادت أجورهم ورواتبهم تكفي، مهما زيدت، إلاَّ لشراء الغذاء الأساسي، فـ”حصَّة الحضارة”، أو “الحاجات الأخرى”، من الأجر والراتب ليست بالأمر الذي يستحق أن يشغل حيِّزًا من اهتمامهم، فالعالم يصبح أفضل وأجمل إذا ما امتلأ ببشرٍ تمتلئ نفوسهم بالضعف الأخلاقي والإنساني الذي يتولَّى الفقر والجوع إنتاجه وتنميته.
العالم يملك الآن من شروط وأسباب وقوى “ثورة غذائية” يمكن أن تنقله من “الغذاء الرخيص” إلى “الغذاء المجَّاني (أو شبه المجَّاني)”، فإذا به ينتقل من “الغذاء الرخيص” إلى “الغذاء الغالي”، أي إلى غذاء يغذِّي الجوع، مع كل ما يُنْتِجه ويُولِّده الجوع.

جواد البشيتي
كاتب فلسطيني ـ الأردن

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
لا يوجد كلمات دلالية ..









الساعة الآن 12:25 PM