كأن الرئيس الاميركي باراك أوباما ابى ان يرد ضيفه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو خائباً، فمنحه بدل الحرب المستبعدة على ايران التي كان يلح عليها، تعويضاً بالحرب السهلة على قطاع غزة.. عله في ذلك يشفي غليله ويهدئ حكومته ويطلق جماح جيشه.. ويكسب المزيد من اصوات اليهود الاميركيين في الانتخابات الرئاسية.
ليس هناك تفسير آخر للحرب التي قررت اسرائيل شنها على قطاع غزة عن سابق تصور وتصميم، اثر عودة نتنياهو من واشنطن الاسبوع الماضي، مرفقة بطلب رسمي من إدارة أوباما بسحب فكرة الحرب على ايران من التداول على الاقل حتى مطلع شهر تموز المقبل، موعد سريان الحد الأقصى من العقوبات الأميركية والاوروبية المالية والنفطية على ايران، وموعد انتهاء مهلة التفاوض الممنوحة للحصول من طهران على ما يشبه التنازل الأخير من جانب كوريا الشمالية، مع الأخذ في الاعتبار للفوارق الجوهرية بين البلدين.
ثمة حجج أخرى ساقها الإسرائيليون أنفسهم وكشفتها صحافتهم علناً، وهي اختبار منظومة القبة الحديدية التي يبدو حسب قولهم أيضاً إنها تمكنت من إسقاط نحو تسعين بالمئة من الصواريخ التي انطلقت من قطاع غزة، وإبلاغ القاهرة وسواها ان الأوضاع المصرية المتغيرة لن تشكل عائقاً امام متابعة البرامج السياسية والعسكرية الاسرائيلية التي أخضعت لبعض المراجعة نتيجة التحديات التي فرضها الربيع العربي على الإسرائيليين.
ثمة تفصيل مهم، وهو أن الإسرائيليين، وباعترافهم ايضاً، نصبوا كميناً للجانب الفلسطيني في قطاع غزة، واستدرجوا ربما إطلاق بعض الصواريخ لكي يشنوا الحرب على التنظيمات والقيادات والأفراد الأقرب الى طهران والأكثر اعتماداً على مصادر تمويلها وتسليحها.. بحيث لا تدع مجالاً للشك في انها تخوض حرباً غير مباشرة على ايران تعوّض من خلالها الحرب المباشرة التي أمر الأميركيون بتأجيل موعدها حتى الصيف المقبل.
اما السؤال عن سبب وقوع حلفاء إيران ووكلائها في الفخ الاسرائيلي، فقد تجاوزه الزمن، وتجاوزته وقائع الحرب نفسها التي حققت كما يبدو فرزاً للقوى الفلسطينية في قطاع غزة، كان الجميع في الداخل والخارج يترقبه ويعتبره مقياساً للمرحلة المقبلة، التي تضع حماس أمام اختبار أخير لعلاقتها المضطربة مع ايران، كما تضع طهران أمام اختبار دورها ونفوذها الفلسطيني المتضائل يوماً بعد يوم.
هي حرب إسرائيلية إيرانية بالوكالة عن قطاع غزة: هذا الاستنتاج البديهي يفترض ان يقرع أجراس الإنذار في لبنان. فالقبة الحديدية واحدة، وكذلك الجبهة العسكرية، أما التغطية السياسية فهي أسهل بما لا يقاس من تجربة العام ???? التي لا تُنسى لا في غزة وبيروت ولا في طهران