الإصلاح نيوز- خاص- مبارك حماد/
يسمونه “الربيع العربي”، ويسمونه أيضا “المؤامرة”، وشتان بينهما، فأي المسميين هو أقرب لما تمر به الأمة العربية من ثورات واسقاط للحكام ؟
حقيقة هناك ما يدعو للريبة ويثير الشك حول هذا الطرح، فكيف للغرب ان يضحي بأكبر حلفائه العرب، ولم يقف في صفهم مع انه بمقدوره ان يثبتهم ويحول دون اسقاطهم، فلم نره يحرك ساكنا لنصرة مبارك وبن علي، بل على العكس تماما رأيناه يضرب بقوة وبعصا حديدية لاسقاط معمر القذافي، بعد ان دعم “ثوار ليبيا” بالسلاح .. فهل يمكن ان يكون الربيع العربي هو فعلا مؤامرة على الأمة لتجزئة المجزأ، وبدأ فعلا تطبيقها على أرض الواقع ؟!
في المقابل لا نستطيع أن نشكك بالربيع العربي، فقد تكون الشعوب العربية استيقظت أخيرا من سباتها، لتطالب بالحرية والكرامة واسترداد الذات من قبضة من حكمهم عقودا طويلة ..
وهنا يظهر امامنا سؤال بين هلالين، وبالخط الأحمر .. (هل ما نمر به الآن هو ربيع عربي مؤامرة عربية غربية على العرب، أم أن الاثنين وجهان لعملة واحدة) ؟!
هناك أسئلة بحاجة لإجابات، وأمور تحتاج لتوضيح .. فهل نستطيع الإجابة والايضاح بعد أن أصبحت الحقيقة أشبه بصديقنا “صاحب الظل الطويل”.
هم تدخلوا بعد ولادة الوليد، لكنهم ليسوا آبائه
يؤكد رئيس الديوان الملكي الهاشمي الأسبق عدنان أبو عودة أن ما يشاع عن الربيع العربي باعتباره مؤامرة على الأمة العربية، هو كلام ساذج من أشخاص لا يدركون التطور البشري الذي يمر به الوطن العربي، وأن العلاقات التفاعلية بين السياسة والاقتصاد والإجتماع، هي ما انتجت الربيع العربي وليس الخارج.
ويضيف أن الغرب تدخل بعد ولادة الوليد (الربيع العربي)، لكنه ليس أباه، وأن هناك عوامل كثيرة شاركت في ولادة الربيع العربي .. فتغلغل الفساد في جسد الدول العربية، وسياسات الأنظمة الدكتاتورية، وزيادة الوعي العربي بقيم العدالة والحرية .. عملت كلها مجتمعة على انتاج الربيع الذي نشهده الآن، مبينا أن الربيع العربي فجر أفضل ما لدى البعض وأسوأ ما لدى البعض الآخر.
ويوضح أبو عودة أن ليس هناك أية علاقة بين الربيع العربي وما يسمى “الشرق الأوسط الجديد” الذي لوح به الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ووزيرة خارجيته كونداليزا رايس، مشيرا إلا أن هذا المشروع الأمريكي فشل فشلا ذريعا، بالرغم من أنه خلف عراقا ممزقا مشتتا لا يعرف رأسه من قدميه.
ويقول أن الربيع العربي حمل الأمة العربية لتجاوز عتبة الخوف وتجاوز ما كان يمنعه في التحرك للبناء، مشددا على أن الحديث عن مؤامرة تستهدف الأمة من خلال هذا الربيع يشكل قوة رجعية مرعبة، ورواده هم من أعداء التغيير.
وأنهى أبو عودة كلامه بالقول: “صحيح أن صيف ربيعنا تعثر قليلا، لكنه سيأتي، ولو تحدثت عن أسباب تعثره لاحتجت لكتاب كامل”.
أمة ليست ميتة، ولن تموت
وعن رؤية النائب الدكتور عبد الله النسور في الربيع العربي، يقول: “لا شك أن الربيع العربي أحدث بعض الفوضى، التي لا يمكن أن تطغى على ايجابياته التي لم تقتصر على الدول التي شهدت هذا الربيع، بل تعدت ذلك لتشمل أقطارا أخرى لم تصلها رياح الربيع العربي كالأردن، والتي سارعت الأنظمة الحاكمة فيها –معتبرة من دول الربيع العربي- الى تحقيق اصلاحات حقيقية، تجنبا لأن يصيبها ما أصاب غيرها”، واصفا هذه الأنظمة بالذكية، ومن تعمل لمصلحة شعوبها.
ويؤكد أن العوامل التي أنشأت الربيع العربي، متعددة ولا يمكن حصرها بتفشي الفساد والدكتاتورية، وأن التخلف والتجزئة التي يعاني منها الوطن العربي، والذل والهوان الذي اصابه بعد هزائم حرب 48 و 67…، كلها ساهمت في خلق حالة من الاحتقان ادت الى انفجار كبير ستطال نيرانه كل من عمل على اغراق الوطن العربي بالجهل والفساد والتخلف..، مبينا أن الأمة العربية تنبض بالحياة والروح، وليست أمة ميتة ولن تموت.
وعن موقف الأردن من الربيع العربى، يشير الى أن الأردن يسير بخطى واضحة تجاه الإصلاح السياسي والاقتصادي، بالرغم من أنها خطوات بطيئة إلى أنها قادرة مع مرور الوقت تحقيق المطلوب.
أخشى أن يترحم العرب على زعمائهم الذين أطاحوا بهم
العين عبد الرؤوف الروابدة كان متفقا مع وجهة نظر كل من سبقه من المتحدثين في هذا التحقيق، فيقول إن الربيع العربي ليس وراءه الغرب ولا أميركا وإنما جاء نتيجة حالة الظلم والفساد وضياع كرامة الشعوب في بعض الدول، لكن أمريكا والدول الغربية استغلت هذه الحالة لغايات مصالحها الخاصة.
وأوضح أن من أقدم على التغيير هم شباب صغار لا يجمعهم أي تنظيم وليس لهم فكر موحد ولا يملكون تمويلا، بل استخدموا أدوات جديدة في ثورة الاتصالات الحديثة، وقد هزوا العالم العربي.
ويتابع “ان الربيع العربي يقف على مفصل إما أن ينجح وإما أن يفشل، ونخشى أن يترحم أشقاؤنا على زعمائهم الذين أطاحوا بهم، مشيرا الى أن أنظمة الحكم في العالم العربي تقسم إلى قسمين الأول أنظمة تقليدية لا تحمل شرعية والثاني أنظمة شرعية كما هو الأردن بقيادة الهاشميين.