في ملف “الفوسفات”, تعهّد رئيس الوزراء للمجلس النيابي بالدراسة القانونية لتوصياته الثلاث الخاصة بفسخ العقد مع شركة “كامل” وحل مجلس الادارة وتحرير الاستثمار في الفوسفات من الامتياز الاحتكاري اللادستوري المتضمن في ذلك العقد الاذعاني.
الا أن الحكومة لم تعلن للرأي العام, حتى الآن, موقفها من هذه التوصيات: هل تقبلها وتتبناها وتنطلق منها للشروع في الاجراءات اللازمة أم لا? ذلك أن الدراسة القانونية, من حيث المبدأ, محايدة. وفي العادة, يدرس كل طرف, الجانب القانوني من وجهة نظره. فما هي وجهة نظر حكومة عون الخصاونة, هل تعتبر نفسها في حالة خصومة مع شركة “كامل” أم أنها تحميها أم أنها محايدة بين الشعب الاردني ومصالحه وبين اللصوص?
كلام الرئيس عن التمسك بالولاية العامة ومحاربة الفساد, جاء وقت امتحانه الفعلي. وها بين يديه قضية قوية وتحظى بتأييد شعبي غير مسبوق, فلنر ما سيفعل… خصوصا وقد زال عنه الحرج باستبعاد المتهمين والابقاء على الملف.
تصريحات رئيس الوزراء في الرد على تقرير لجنة التحقيق في ملف الفوسفات, تدلّ على خصومة مع التقرير والرأي العام ومصالح الدولة, وبالمقابل, تشي بحرص على مصالح مالكي شركة ” كامل” المجهولين / المعروفين. لكن, مع ذلك, سوف نحسب تلك التصريحات بمثابة دفاع عن الفاسدين, وليس عن الفساد نفسه, وننتظر الالتزام الحكومي بوجهة نظر التقرير النيابي والتوصيات النيابية, والاعلان الصريح عن نية الحكومة, القيام بواجباتها في استرداد حقوق الشعب الاردني.
إن العناصر المخالفة للدستور والقانون في عقد الاذعان الموقع مع شركة ” كامل”, كافية لاتخاذ قرار بفسخ العقد فورا, وليذهب مالكو ” كامل” إلى القضاء بعد أن يستحصلوا على شهادة ملكية قانونية وليس مجرد “شهادة انتفاع” يعتبرها الخصاونة كافية لإثبات ملكية الشركة لسلطنة بروناي. وحتى لو كان الامر كذلك, فالعقد باطل لأنه غير دستوري.
بما أن الاردن مجرد مزرعة خاصة عند الكمبرادور المسيطر, قدّم أحدهم ثروتنا من الفوسفات إلى السلطنة المذكورة, “هدية” – كما جاء في الوثائق”. لكن الشعب الاردني, وقد استيقظ من غفلته, يريد استرداد “الهدية”. وعلى الحكومة الاردنية أن تنفّذ قرار شعبنا بلا إبطاء: عودة الوضع في “الفوسفات” إلى ما كان عليه قبل الخصخصة, وذلك من حيث الملكية والادارة. أما من حيث عمليات شركة الفوسفات, فقد آن الاوان لكي تمتلك الشركة بعد عودتها إلى الملكية العامة قدرات التنقيب والحفر والانتاج والبيع الخ وهي العمليات التي تقدّر بمئات الملايين, وتستفيد منها حتى الان شركات يملكها ممثل شركة” كامل”, رئيس مجلس إدارة الفوسفات, كليا أو جزئيا.
قضية الفوسفات ليست مجرد قضية وطنية عامة, بل هي قضية شخصية لكل أردني حر. إنها, أولا, قضية كرامة .. فبلدنا ليس مزرعة لسين أو صاد, ومن العار أن نقبل بأن يكون اي كان قادرا على تقديم ثرواتها وأراضيها, هدايا . وهي, ثانيا, قضية تخصّ لقمة أطفالنا. فبينما يتم البحث في رفع الدعم عن السلع والخدمات الاساسية لمعالجة عجز الموازنة, تذهب مئات الملايين من عائدات الفوسفات سنويا إلى شبكة من الفاسدين.