شعارات الحراك الشعبي الاردني تباينت واهدافه تعددت, الا ان الارضية المشتركة التي اجتمعت حولها الحراكات كلها تتمثل بالاصلاح, والقضية التي اجمعت عليها تلاوين الحراك هي مكافحة الفساد.. وما نخشاه ان تتحول قضية الفساد الى »تعليلة« تتلاشى عندما تنتهي السهرة وينفض السامر, ويتفّرق العشاق..
الشارع المحلي مشغول الان بقضية الفوسفات, لأن النشطاء كما العاديين من المواطنين يشتبهون بوجود قضية فساد في شركة الفوسفات, فالكل يتحدث من دون معرفة مكمن الفساد او موقعه, اهو في اجراءات البيع أم بعدها, أم في عمليات التسويق, أم في امتياز الشركة?!
وفي ضوء ما حدث تحت القبة في مجلس النواب مؤخراً احتدم النقاش والجدل في اوساط الحراك وفي الشارع فأين تكمن الحقيقة?
هناك مثل شعبي يقول: »كذب مصفّط ولا حق مخربط«, لذلك على مصادر المعلومات ان تبين الحقائق وتفرز الباطل عن الحق حتى يعرف الناس الحقيقة. هناك من يردد بأن الفساد في صفقة البيع, وهناك من يؤكد ان الفساد في مرحلة ما بعد البيع, وهناك من يقف بين الموقفين لأن ليست لديه المعلومات الكافية الصحيحة للانحياز الى احد الفريقين.
مثلاً, هناك رأي يفيد بأن شركة الفوسفات تستطيع ان تمنع اي جهة اخرى من الاستثمار في مجالس الفوسفات لان السلطة منحتها حق الاولوية الحصري في تنقيب وتعدين الفوسفات في انحاء المملكة كافة الى ان ينفد مخزون الفوسفات الاحتياط, وهو ما ينتقص من حقوق الدولة وحرمانها من الاستثمار الكامل في الفوسفات باراضيها.
بالمقابل علمت ان امتياز شركة في الفوسفات ينتهي في 7/3/2013 اي بعد عام فقط. كما علمت من فريق آخر ان حق شركة الفوسفات التعدين في موقعها المرخص فقط. وان الشركة تقدمت من حكومة معروف البخيت, اي الحكومة السابقة, بطلب السماح لها بالاستثمار والتعدين في قطعة ارض جديدة مساحتها 60 الف دونم ولكن الحكومة رفضت الطلب وردته, وهذا يتناقض مع القول بان من حق الشركة التعدين في كافة اراضي المملكة حتى اخر كمية في الاحتياط.
وفي خضم النقاش والجدل والعراك الذي حدث بشأن تقرير لجنة التحقيق النيابية المتعلقة بقضية الفوسفات استوقفتني الفقرة الختامية من توصيات لجنة التحقيق والتي نصها:
»ان اللجنة, وهي توصي باحالة عدد من الوزراء السابقين الى القضاء فان ذلك لا يعني ادانة اللجنة لأي منهم, او حتى اتهامهم بقضية فساد, وانما اوصت اللجنة بالاحالة حتى يتسنى للعدالة ان تأخذ مجراها, وبيان الحقيقة بوساطة القضاء العادل«…
منذ البداية كنا نقول ان على لجنة مكافحة الفساد ان تحقق وعلى القضاء ان يحاكم المتهمين ويحكم عليهم, لأن الدستور منح المشرع اي »مجلس النواب« ان يحقق مع الوزراء ويحيلهم الى القضاء مع بيان الحيثيات والبينات التي تبرر تحويلهم الى القضاء.
المهم ان بوصلة الشارع من حراك واحزاب وسياسيين تشير الى وجود شيء من الفساد في شركة الفوسفات, ولكن الحقيقة تائهة وسط »دربكة« وسيل من الاتهامات والتراشق بالكلمات واثارة سحابة من غبار الفوسفات.. فأين الحقيقة?!
العرب اليوم