حسام الرباعي – القاهرة
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ..لم يكن مخطئا ابدا ..عندما حذر وزراء الخارجية العرب من مخاطر الربط ما بين الازمة السورية وايران…بل كان على العرب انفسهم ان يتنبهوا لهذه المخاطر قبل الوزير الروسي على اعتبار ان مثل هذا الربط يهدف الى اشعال الحروب المذهبية بين المسلمين مثلما يضرب بجزء رئيسي في شخصية العربي من اجل تدميره وافراغه من محتواه ليكون عجينة طرية امام تشكيل جديد يتناسب مع المصالح الصهيونية والامبريالية.
مثل هذا الربط يأتي في سياق حملة محمومة تشارك فيها دول واجهزة اعلامية وصحفيون ورجال دين وفتوى وجماعات دينية منهم عن سبق اصرار وفهم وترصد لتحقيق اهداف شريرة ومنهم عن جهل وانسياق وراء حملات التضليل والتدمير للمواطن العربي وكلها تهدف الى التركيز على المذهبية في الاسلام وتقسيم الناس ما بين سنة وشيعة وخلق العداوات بينهم اتساقا مع مخططات الفوضى الخلاقة التي تهدف الى اعادة تشكيل المنطقة الى دويلات قائمة على المذهبية والطائفية والعرقية وغيرها.
علينا ان نعرف ان المكون النفسي الداخلي للانسان العربي ما هو الا خليط بين العروبة والاسلام…هذان العنصران هما اللذان يشكلان شخصية العربي وقد رأينا هذا ابان الحرب العراقية الايرانية ..كيف كان العربي يتمزق بين عروبته واسلامه في تلك الحرب ..يتألم لمقتل الايراني تماما مثلما يتألم لمقتل العراقي ..متمنيا ان تتوقف الحرب التي عمل الغرب واعوانه على اطالتها لاطول فترة من اجل تدمير مقدرات البلدين المسلمين .
لقد وعى مخططو استراتيجات المواجهة الغربيون شخصية المواطن العربي فعملوا على تدمير مرتكزات شخصيته… وكانت عروبة العراق هي اول استهداف لهذه الشخصية باعتبار العراق بلدا استند الى العروبة وتمجيدها وبنائها….لقد كان هذا العنصر احد الاسباب لاستهداف العراق
الذي كان يحقق قفزات متسارعة نحو امتلاك القوة والتقدم…وعلينا ان نتذكر ان العراقيين انفسهم لم يشعروا بقضية السني والشيعي من قبل وانهم كانوا يتزاوجون من بعضهم بعضا يجمعهم عراقهم وعروبتهم…لقد ترافقت الحرب العراقية الايرانية بعملية شحن كبيرة للتركيز على السنة والشيعة ومرة على العروبة والفارسية…ما زلت اذكر ان اول مصطلع للشيعة والسنة في العراق ورد على وكالات الانباء ووسائل الاعلام الغربية ورددتها من بعد وسائل اعلام عربية.
علينا ان نتذكر ان احد الاسباب الرئيسية التي استهدفت مصر عبد الناصر كانت الروح القوية العربية في ذلك العهد…وعلينا ان نفهم ايضا ان استهداف ليبيا القذافي ..كان في احد اسبابه يعود لهذه النقطة.
لقد استهدفت العروبة والفكر القومي الى درجة اصبح من يقول انه قومي عربي محل استهزاء من الاخرين…. واصبح كل من يحمل هذا الفكر غريبا…عن بيئته .
وطالما ان عنصرالعروبة قد ضعف في النفوس ويكاد ينهار نهائيا فالعمل لا بد ان يستمر لتدمير الجزء الخاص باالاسلام في شخصية العربي… وليس افضل لذلك من نشر الفرقة المذهبية بين المسلمين ودفعهم للاقتتال وتدمير بعضهم بعضا وبشكل يدفع الناس للكفر بدينهم مثلما كفروا بعروبتهم ..
والغريب والمؤلم ان من يتم استخدامهم لتنفيذ هذا الهدف جماعات اسلامية…تصور ما يحدث في سوريا بانه حرب بين السنة والطوائف الاخرى…والا فماذا يعني ان يخرج علينا من يتحدث عن القتلى بانهم شهداء…وانهم اشتموا رائحة الجنة في قتالهم..او يخرج علينا داعية ليقول لنا ان الجهاد فرض عين على كل مسلم في سوريا….لم نسمعها منه في قتالنا مع اليهود الذين احتلوا ارضنا وهتكوا عرضنا ..رغم ان نص الحديث واضح جدا ولا يحتاج الى فتوى او اجتهاد( اذا وطئت ارض المسلمين بات الجهاد فريضة على كل مسلم ومسلمة) بل ان مثل هؤلاء الدعاء يفتون بالتعامل السياسي والحسن مع اليهود.
ويبقى السؤال ..ماذا لو نجحت اسرائيل والغرب وعملاؤهم باشعال الحروب المذهبية بين المسلمين ..هذه الحروب سوف تصل ايران نفسها وباكستان وكل العالم االاسلامي وحتى روسيا.
لا اطلب من وزير الخارجية الروسي ان يكون غيورا على العروبة والاسلام لكني اتفهم جيدا ان الوزير الروسي يعي بان في بلاده مسلمين ربما تنتقل العدوى اليهم فتعيش بلاده نفس الفوضى المطلوب نشرها في منطقتنا العربية.
ان الاسوأ من الخطيئة هو ان تمارسها تحت شعارالدين.
Write a reply…