في المستشفى لهرم جسده يزوره
شاب كل يوم ويجلس معه لأكثر من ساعة يساعده
على أكل طعامه والاغتسال ويأخذه في جولة بحديقة المستشفى ..
…
و يساعده على الاستلقاء ويذهب بعد أن يطمئن عليه .
دخلت عليه الممرضة في أحد الأيام
لتعطيه الدواء وتتفقد حاله وقالت له :
“ ما شاء الله هل هذا ابنك !؟
نظر إليها ولم ينطق وأغمض عينيه ،
وقال لنفسه “ ليته كان أحد أبنائي .. “
هذا اليتيم من الحي الذي كنا نسكن فيه
رأيته مرة يبكي عند باب المسجد بعدما توفي
والده و هدأته .. واشتريت له الحلوى ،
ولم احتك به منذ ذلك الوقت .
ومنذ علم بوحدتي أنا وزوجتي يزورنا كل يوم
لـ يتفقد أحوالنا حتى وهن جسدي
فأخذ زوجتي إلى منزله وجاء بي إلى المستشفى للعلاج .
وعندما كنت أسأله
” لماذا يا ولدي تتكبد هذا العناء معنا؟ “
يبتسم ويقول .. :
{ما زال طعم الحلوى في فمي يا عمي..} !
يقول الشاعر :
إزرع جميلا .. و لو في غير موضعه
فلن يضيع جميل .. أينما زرعا
إن الجميل و إن طال الزمان به
فـليس يحصده .. إلا الذي زرعا
قصة اخرى
يحكى أن رجلين شديدا المرض كانا يتشاركان غرفة واحدة في مستشفى.
كان الأول يعاني من مرض عضال جعله يرقد على ظهره ولا يستطيع الحراك إلا قليلا. أما الثاني والذي كان يرقد بجانب النافذة فقد كان يجلس على سريره لبضع الساعات في النهار لأن ذلك يساعده على التخلص من الماء الذي قد تجمع في رئتيه وكتم أنفاسه بسبب قلبه الضعيف. لم يكن لهما من زوار، لذلك قضيا الساعات الطوال يتجاذبان أطراف الحديث ويسترجعان ذكريات شبابهما الماضي.
كان الأول يعاني من مرض عضال جعله يرقد على ظهره ولا يستطيع الحراك إلا قليلا. أما الثاني والذي كان يرقد بجانب النافذة فقد كان يجلس على سريره لبضع الساعات في النهار لأن ذلك يساعده على التخلص من الماء الذي قد تجمع في رئتيه وكتم أنفاسه بسبب قلبه الضعيف. لم يكن لهما من زوار، لذلك قضيا الساعات الطوال يتجاذبان أطراف الحديث ويسترجعان ذكريات شبابهما الماضي.
في كل نهار كان الرجل الذي بجانب النافذة يصف لزميل وحدته ما يراه في الخارج. يصف له حركة الناس جيئة وذهابا، يتحدث عن البط في تلك البحيرة الجميلة التي تمتد على جوانبها الورود الملونة. يرسم له بالكلمات تلك الأشجار الخضراء الباسقة ويصور له الأطفال الذين يتراكضون فرحا في تلك الحديقة.
كان هو عيون ذلك الرجل المستلقي على ظهره بلا حراك بعيدا عن النافذة. نقله إلى العالم في الخارج وجعله يعيشه في مخيلته. وصف له يوما فرقة موسيقية تعبر الشارع فجعله يعيش مع الحشود وجعله يسمع موسيقاهم تصدح في أذنيه رغم أن الغرفة كانت معزولة صوتيا ولا ينفذ إليها ضجيج الشارع.
كان هو عيون ذلك الرجل المستلقي على ظهره بلا حراك بعيدا عن النافذة. نقله إلى العالم في الخارج وجعله يعيشه في مخيلته. وصف له يوما فرقة موسيقية تعبر الشارع فجعله يعيش مع الحشود وجعله يسمع موسيقاهم تصدح في أذنيه رغم أن الغرفة كانت معزولة صوتيا ولا ينفذ إليها ضجيج الشارع.
مرت الأيام والشهور وهما على تلك الحالة، وذات صباح وعندما جاءت الممرضة لعمل الفحوصات اليومية للرجل بجانب النافذة وجدته قد أسلم روحة أثناء نومه بسلام وهدوء. حزن الرجل الآخر وأجهش في البكاء، فقد خسر صديق أيامه الماضية وأنيس وحدته. وبعد فترة من الوقت طلب من الممرضة وضعه بجانب النافذة عله يروّح عن نفسه. وما أن وُضِع هناك حتى تحامل على نفسه ورفع جسده الثقيل الذي أنهكه الرقاد الطويل ليصل بنظره إلى الخارج، وإذا بالنافذة تطل على جدار كبير لعمارة مجاورة تحجب كل شيء!!!
دهش الرجل وألقى بنفسه على سريره وأخذ يصرخ مناديا على الممرضة "ما الذي حدث؟ كيف أصبح هذا الجدار هنا؟" ردت عليه قائلة "هذه النافذة لم تطل يوما على غير هذا الجدار!" فأخذ يقول "لا يمكن..
كيف كان صاحبي يصف لي الناس والبحيرة والحديقة والأشجار والفرقة الموسيقية في الخارج؟؟؟" قالت "كان صاحبك أعمى ولم يكن ليرى شيئا أبدا وقد قال لك تلك الأشياء قطعا من خياله"!
دهش الرجل وألقى بنفسه على سريره وأخذ يصرخ مناديا على الممرضة "ما الذي حدث؟ كيف أصبح هذا الجدار هنا؟" ردت عليه قائلة "هذه النافذة لم تطل يوما على غير هذا الجدار!" فأخذ يقول "لا يمكن..
كيف كان صاحبي يصف لي الناس والبحيرة والحديقة والأشجار والفرقة الموسيقية في الخارج؟؟؟" قالت "كان صاحبك أعمى ولم يكن ليرى شيئا أبدا وقد قال لك تلك الأشياء قطعا من خياله"!