قال لصديقه: عندي لك خبران: خبر سعيد والآخر سيئ، أي منهما تريد أن تسمعه الأول؟
رد الرجل في بساطة: أفضل أن تبدأ بالخبر السعيد ثم تتلوه بالخبر السيئ.
قال الأول: إذن أول خبر أن زوجتك التي كانت تعاني طويلا عدم الإنجاب، الآن تأكد تماما أنها حامل.
شعر الصديق بالسعادة واغرورقت عيناه بالدموع وأصابته حالة نشوة أسطورية بقيت معه لعدة دقائق، وحينما أفاق منها، سأل صاحبه: وما الخبر السيئ؟
نظر إليه صديقه ثم فجر الخبر الصاعق: «الخبر السيئ يا عزيزي أنه على الرغم من أن زوجتك حامل، فإن الجنين الذي تحمله ليس ابنك»!!
هذا الخبر يذكرني ببعض الحالات الثورية التي نعيشها الآن في منطقة وزمن الربيع العربي.
في ليبيا، كانت سعادة معظمنا غامرة بسقوط حكم الطاغية وأركانه، إلا أن الجميع كان يتساءل: وما شكل النظام عقب رحيل القذافي ونظامه؟
كان التيار المتفائل يقول: في النهاية الثورات تقوم بإصلاح مسارها، ومهما كانت أخطاء النظام الجديد فهي لن تكون – بالتأكيد – أسوأ من النظام السابق.
الأخبار التي تردنا من ليبيا هذه الأيام لا تبعث على التفاؤل: انفلات أمني، محاولات لاغتيال رجال القضاء، مشاحنات قبلية، فشل في جمع السلاح من أيدي الناس والقبائل، اعتداءات مسلحة على مراكز ومكاتب المجلس الانتقالي في المدن الكبرى، نقص في المواد التموينية.
وآخر الأخبار هو تقييد البنوك الليبية عمليات صرف العملة المحلية بسبب النقص الحاد في السيولة النقدية في البلاد.
في الوقت ذاته، تم الإعلان عن تأسيس حزب ذي مرجعية إسلامية، أصوله إخوانية، يسعى إلى دخول الانتخابات البرلمانية هذا العام.
التوتر، أو الاضطراب في المسيرة الثورية، يختلف بدرجات متفاوتة؛ فهو يبدأ في أدنى حالاته في الحالة التونسية التي تشهد القليل من الاحتجاجات الفئوية والسياسية، وصولا للحالة المصرية التي تحمل بداخلها حالات من التدمير الذاتي، مخالفةً للروح العظيمة التي أشعلت هذه الثورة في بدايتها.
واليوم، نتابع خلاف الفصائل السورية المعارضة في الداخل والخارج وعدم اتحادها بشكل يناسب دقة الموقف ويرقى إلى دماء الشهداء وجراح المصابين.
واليوم أيضا ما زال حلم اتحاد فصائل الثورة الفلسطينية أبعد ما يكون عن الحدوث بسبب اختلاف مصادر التفكير ومصادر التمويل.
ذلك كله يطرح السؤال: هل هم يختلفون لأنهم يفكرون بشكل مخالف، أم أنهم يختلفون لأن مصادر تمويلهم مختلفة؟
أعود كي أذكركم ببداية هذا المقال: مبروك، «المدام» حامل، لكن لستَ والد الجنين!
مبروك الثورة.. ولكن سوف تنتهي إما إلى فوضى وإما إلى انقلاب!!
يا للأسف الشديد على ضياع الفرصة التاريخية.