يتجمع شباب عاطلون عن العمل في الطفيلة،ويرشقون مقر المحافظة بالحجارة،لانهم بحاجة الى وظائف،فيتم تفريقهم .
تفرقوا،او لم يتفرقوا،فالمشكلة بقيت كما هي،وتفريقهم لايحل المشكلة،بل يزيد التوتر الاجتماعي،لان مثلهم كثيرون،في المحافظات على وجه التحديد،وخصوصاً،محافظات الجنوب،ومعها عجلون ومناطق الاغوار ومادبا،وتمتد المشكلة الى مناطق اخرى.
لايمكن اتهام العاطلين عن العمل بأي تهمة سياسية،او انهم ينفذون اجندات لاحد،فهذا واقع الناس الصعب جداً،اذ يتخرج عشرات الالاف سنويا ولايجدون وظائف،ويبحث اخرون عن اية اعمال فلا يجدونها،فيشتد الضيق بالناس.
مقابل هذا لنتأمل اثنين وعشرين مليار دينار في المصارف،لايحركها احد،ويدير معظم القطاع الخاص ظهره للبلد،ولاتجد مشروعا يساعد الناس في المحافظات،ولاتجد مبادرة للتخفيف عن اهلنا في كل مكان،وهذا مال اناني،يريد فقط ان يربح.
هناك ايضاً نزف وطني للمال،اذ يعمل في البلد مايزيد عن نصف مليون شخص،من الخارج،من المصريين والبنغال والهنود والاندونيسيين والفلبينيين في وظائف مختلفة،من الزراعة الى الحرف،وصولا الى مهن اخرى.
المال الاردني في الخارج ملف آخر،اذ لدينا مليارات لاتعد ولاتحصى لاردنيين في الخارج،بعضها سري ومخفي،وبعضها الاخر مال حلال ومعلن يتم استثماره في المغتربات،ولا أحد يشجع هذا المال على العودة الى الاردن،او الاستثمار فيه.
قد يخرج احدهم ليوجه اللوم لشباب الطفيلة لانهم غاضبون،وهذا كلام مردود ببساطة،فبدلا من لوم الناس،علينا ان نجد حلولا لهم،وان ُنؤمنهم بوظائف،وان تجترح الدولة حلولا جديدة،بدلا من شعارها القائل:العين بصيرة واليد قصيرة.
اذا كان الذين يعملون لايستفيدون شيئا من رواتبهم،لانها بالكاد تغطي ايجار البيت،وفواتير الوقود والكهرباء والخبز،فما بالنا بأولئك الذي لايعملون،واعدادهم الحقيقية اكبر بكثير من الاحصائيات الرسمية المعلنة.
من السهل تفريق مظاهرة هنا او هناك لعاطلين عن العمل،غير ان الاهم حل المشكلة جذريا،حتى لو ادى ذلك الى استدانة الدولة،حاليا،وتشغيل الالاف في المؤسسات الكبرى والبلديات،فوق الديون التي هي فيها.
الاختلالات الاقتصادية هي التي ادت الى هذا الحال،لان الضرائب على البنوك تم تخفيضها حتى يربح اصحاب الاسهم والاغنياء،على حساب الفقراء،ولان ضريبة الدخل،غير عادلة،ولايؤدي كثيرون حقوقهم تجاه بلدهم.
ادارة الظهر لاوجاع شعبنا،ادارة مؤلمة،فلا يمكن الاستمرار في الحديث عن الوضع الاقتصادي بمعزل عن الغضب الاجتماعي،ولابد من ايجاد حلول للناس بوسائل كثيرة،لان من حقهم ان يعيشوا في بلدهم حياة كريمة.
قصة الطفيلة تزداد تعقيدا،وعلينا ان نلاحظ ان علاقتها بالحكومات باتت قائمة على التنافر،خلال العامين الفائتين،وليس من مصلحة احد التعالي على الناس،ولابد من فتح العيون جيدا،باتجاه المناطق التي تعاني من الفقر والبطالة والضيق الاجتماعي ايضا.
مدن الجنوب عموما،مظلومة،وحكوماتنا المتعاقبة،ادارت ظهرها لهذه المناطق،والمشاريع التي اقيمت كانت محدودة،ولم تؤد الى اعمار هذه المناطق كما يجب،وهذا ملف كبير بحاجة الى ان تقف عنده الحكومة الحالية مطولا.
من السهل اتهام هذا او ذاك،بأن خلف غضبه،محرك سياسي،لكننا اذ نتطلع الى حال الناس،على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي،نعرف ان الاغلبية بحاجة الى حلول،فما بالنا والناس يواجهون رفعا للاسعار،وغلاء قاتلا يشتد يوما بعد يوم.