بعد ان اصبح مشروع قانون المحكمة الدستورية في عهدة مجلس النواب ويسير في قناته الدستورية لاجل اقراره حتى يكون مرجعا في كل القضايا التي لها علاقة بالقوانين ومدى انسجامها مع الدستور.
واول ما يثار في ذلك مصير قرار فك الارتباط القانوني والادراي مع الضفة الغربية الذي اصدره المغفور له الملك الحسين بن طلال في تموز من عام 1988 ، لان المحكمة الدستورية اذا ما نظرت في الموضوع فانها حتما ستقرر انه “غير دستوري” لان اتخاذه او تطبيقه لم يترافقا مع خطوات قانونية تجعل منه قانونا صدر حسب الدستور بل بقي في اطار”التعليمات”.
وهذا يعني ان اختباء الدولة الاردنية طوال السنوات الماضية في تطبيقها لقرار فك الارتباط خلف مفهوم “السيادة” سينتهي, وهنا خطورة الامر, ماذا سيكون مصير قرار فك الارتباط ? وكيف ستتصرف الدولة الاردنية لو اعلنت المحكمة الدستورية بطلانه?
ولا احد يناقش بأن قرار فك الارتباط في حينه حظي باجماع اردني – فلسطيني – عربي وقدم خدمة للقضية الفلسطينية وكان سببا مباشرا في ظهور معالم الدولة الفلسطينية المنشودة وادى الى اجراء اول انتخابات وطنية فلسطينية لاختيار رئيس الدولة وكذلك لاختيار المجلس الوطني الفلسطيني.
ورغم موقف جماعة الاخوان المسلمين في رفضها لقرار فك الارتباط الا انها بعد قيام حركة حماس وفوزها في الانتخابات الفلسطينية وتشكيل الحكومة هناك, تغير موقفها وبدأت تتعامل مع الواقع باعتبار ان “قرار فك الارتباط اصبح واقعا لا يمكن تجاهله”.
لكنني بالامس قرأت تصريحا في الزميلة “الدستور” للقيادي في جماعة الاخوان زكي بني ارشيد يقول فيه” الحركة الاسلامية متمسكة برأيها وقرارها المتمثل برفض قرار فك الارتباك بما فيه مصلحة الاردن وفلسطين”, وهذا الكلام يقلب المفاهيم ويثير المخاوف ويعيد المسألة الى نقطة الصفر.
جاحد من ينكر اهمية قرار فك الارتباط على مجمل القضية الفلسطينية, فقد عبّد القرار الطريق امام قيام الكينونة الفلسطينية المستقلة ودعم مطلب اقامة الدولة وهي “غرة ” المشروع الوطني التحرري الفلسطيني, ومن دون فك الارتباط ما كان بالامكان الاستمرار في المقاومة وبلورة الشخصية المستقلة للكيان الفلسطيني المتمثل في منظمة التحرير الفلسطينية والمجلس الوطني الفلسطيني وبعدها الانتخابات التشريعية وقيام المجلس التشريعي وتشكيل الحكومة الفلسطينية والمؤسسات الاخرى.
ومن السذاجة اعتبار “الغاء قرار فك الارتباط” علاجا سحريا سيحل مشاكل العرب وتخاذلهم ويرفع من سويتهم ويقوي الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال والتوطين ويعيد خيار المقاومة المسلحة.
كيف يمكن الاعتراف ببعض نتائج قرار فك الارتباط ورفض نتائجه الاخرى,كيف يتم القبول بفك ارتباط الاخوان المسلمين الاردنيين عن الفلسطينيين ولا يقبل بفك ارتباط الشعبين لدعم المقاومة ضد الاحتلال?
ان من لا يعترف بقرار فك الارتباط, لا يعترف بالشعب الفلسطيني, ولا يعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة, ولا يعترف بمنظمة التحرير, ولا يعترف بالمقاومة ولا يعترف بفتح ولا حماس ولا يعترف بالمجلس الوطني ولا بالمجلس التشريعي ولا يعترف بالشهداء ولا يعترف بالاسرى… الخ.
لقد اصبح قرار فك الارتباط مصلحة فلسطينية مثلما هو مصلحة اردنية, واصبح واقعا لا يمكن العودة عنه, وهذا الامر بحاجة الى وضعه في قانون لضمان حقوق الجميع.