تحتاج روسيا إلى قائد صدامي يحمل ايحاءات القوة بين ساعديه.. نجم يقدم أكاره مثلما يكشف عن تقاطيع جسده في بلد تتراجع فيه نسبة الولادات. ويحتاج شعب روسيا المتذمر من التباكي والضعف الذي كرسه الرئيس السكير يلتسين الذي عمم أمام الغرب فكرة انطفاء الأمل من دولة روسية قوية منيعة قادرة على إعادة الدور الذي لعبته الى المسرح العالمي.
اليوم يختار الروس هذا ” البطل ” النموذج على هيئة رامبو والذي تنطبق عليه تلك المواصفات. وحده فلاديمير بوتين من يحمل تفاصيل الهيبة المتجددة لبلد كان كاسرا للعبة الدولية. واذا ما قال الروس نعم له، وهو المرجح، سيكون العالم أمام حالة استنفار مختلفة عن كل ما مضى منذ سقوط السوفييت، لكنه لن يكون عربيا أكثر من العرب وإن كانت سوريا صورة من صور القوة التي يعلنها بوتين قبل عودته الى الرئاسة.
لدى الأميركي شعور الخيبة منذ أن قال له لا في مجلس الأمن، يومها حاذر الأميركيون الضغط الزائد على قوة فتية ذات إرث قديم يتباهى به الروس. ولكم تراجعوا إبان حكم يلتسين حتى غدت سيرة روسيا محزنة، وعبرها اخترق الاميركي صربيا وأقام عليها الحد لم ينبث يومها أحد ببنت شفة، ثم جاءت أفغانستان، وتلتها العراق، حدث كل ذلك وكأنه اهانة للروسي الذي جلس في مقاعد المتفرجين مثل أية دولة من العالم الثالث.
رغم انقسام المجتمع الروسي بين مؤيد للشيوعية وكاره لها، إلا أن صورة أحد نجومهم الكبار ستالين لم تزل في البال، وهو أيضا مازال يحتفظ في القاعة ذاتها ضريح المؤسس لينين، بل يفاخر به .. بوتين الابن الشرعي لتلك المرحلة والقادم من أهم أجهزتها وهي الاستخبارات يرى فيه الروس شبابا مثلما رأى القدامى في شخص ستالين من كبرياء بلادهم التي عمرها من عمر الأرض. سيقول الروس بأكثريته نعم لبوتين صائد الأحلام العتيقة لروسيا المازجة بين التقليد المثقف والحداثة المستنيرة.
هكذا كشف بوتين عن خياراته يوم قالها بالفم الملآن حول روسيا القوية.. يقال إنه أبلغ الرئيس السوري بشار الاسد قبل مدة ضرورة الخلاص من الاعاقات في الداخل السوري كي يتمكن من لعب الدور الآخر لروسيا على صعيد الأزمة السورية. ومن الواضح أن العالم ينتظر تسلمه الرئاسة الروسية، حتى أن البعض بات متشوقا لها تحت الاعتبار القائل بامكانية الخلاص من سياسة القطب الواحد التي مزقت العالم والمجتمعات والعرب تحديدا وجعلت من الشرق الأوسط مسرحا لقوتها في مواجهة الضعف العربي وأمراضه المستشرية.
زهير ماجد