تداعيات مركبة على الساحة السياسية الأردنية غير التقليدية وخارج أطر الصالونات السياسية بدأت منذ حرق مكتب جبهة العمل الاسلامي في المفرق قبل عدة شهور ومرورا من طعن النشطاء في الميدان ايناس مسلم وابراهيم الضمور.
ارباك فسره البعض بالطبيعي طالما أن ثمة تراكمات واحتقانات بالحركات الشبابية التي ظهرت منذ ما يقارب العام ونصف العام امتثالا للربيع العربي لكن جلها اصطفافات وتوافقات حول عبثية الحراك الميداني الأمر الذي اثر على النظرة تجاه تلك الحراكات. لكن الملفت فيما هو مؤخرا، وما اثارته تصريحات الأمير حسن بن علي والتي القت بظلالها على الساحة السياسية توصف بالمناقضة لنفس تصريحات للأمير بداية الربيع العربي حول انتقاده وهجومه للحراك الميداني.
غير أن الصورة في خارجها تظهر انقاسما ما بين الحراكات والتيارات، وهو أمر اعتبره البعض بالاعتيادي طالما أن الرؤى مختلفة، ومقابل ذلك يرى آخرون أنه انقسام لا يمت الرؤى قيد أنملة.
وما يعزز من انقسامات هي تلك التي اثارها أكثر من حزب سياسي الذي وصف أحزاب أخرى لم تدن ما حصل مؤخرا بالتواطئ المتوقع والتحالف مع قوى الشد العكسي ضد الانحياز للحقيقة والحقوق والحريات التي هي مناخها الأساسي.
والملفت في هذا وذاك، هو ما تم اعتباره في بيان الأمن العام بخصوص حادثة طعن الشابة ايناس ما هو إلا اصطفاف ورمي الشبهة قبل صدور التحقيق والنأي عن القضية الرئيسية وهي البحث عن الجاني وهو ذات الأمر الذي تكرر في قضية الضمور.
الأمن العام والذي استبق ما استبقه واعلن أن الحادثة لا يوجد لها مبرر سياسي غير أن وعد باستمرار التحقيق، وهو ما وصفته والدة ايناس الشاعرة نور التركماني أن البيان حاد عن الحقيقة وابتعد عن الرسالة الحقيقية واصدر حكما بإعدام بابنتها اجتماعيا طالما رمى إلى شبهة مخدرات واحقاد مع اصدقائها عازمة مقاضاة الأمن العام في ذلك.
“الامن العام أخلّ باجراءات التحقيق وجمع الادلة وهذا من شأنه ان يفلت الفاعل من العقاب او يسمح له باكمال محاولة الشروع بقتلها .
“بالاضافة الى ان البيان نسب الى ابنتي امور غير صحيحة ونحن ننكرها انكاراً تاماً ومن حقي الرد عليه وملاحقة مصدره بكافة الطرق القانونية كونهم ببيانهم هذا قد اصدروا حكم الاعدام الاجتماعي على ابنتي نظرا لطبيعة الاردن الاجتماعية واناشد جلالة الملك وكل مهتم بحقوق الانسان بالعالم وكل الحراكات الشعبية الوطنية وجمعيات حقوق الانسان والاحزاب السياسية والهيئات النسائية انصاف ابنتي واظهار الحقيقة” وفق بيان الأم.
وبذات الوتيرة، ابدى حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني تخوفا من محاولة استخدام هذه الحادثة كوسيلة لتشويه الحراك الشعبي أولاً والدور الوطني لشبيبة الحزب ثانياً. إن من حقنا التساؤل إن كان الإصلاح السياسي يعني أن نستخدم أية حادثة كوسيلة لتخويف الشباب وترهيبهم من العمل الحزبي!!! وهل الإصلاح يعني استدعاء ناشطي الحراك من شبيبة الحزب بغض النظر إن كان لهم علاقة بالقضية أم لا، وفق بيان الحزب.
وهذه الأحوال كانت مبعث قلق بالنسبة للمركز الوطني لحقوق الإنسان الذي اوضح في بيان صحفي أنه يحقق في كلا الحادثتين “ايناس وإبراهيم” غير جاذم في التداعيات غير أنه يؤكد أن تلك الحوادث ما هي إلا انتهاك بحرية التعبير والسلامة الجسدية متوعدا بمواصلة التحقق من قبل كوادره في التفاصيل.
“ان المركز الوطني وفي الظروف الحالية يتوقع أن تجسد إجراءات أجهزة إنفاذ القانون والسلطات المعنية الحرص الكامل على كشف ملابسات كلا الجريمتين وصولا إلى الحقيقة الكاملة بشأن كل منهما وبالسرعة الممكنة حيث أصبحتا تشغلان الرأي العام وكذلك إعمالا لسيادة القانون وصيانة لحق الضحيتين في السلامة الجسدية من الاعتداء والحماية من التشهير أو الترهيب والإخافة بهدف كم الأفواه وتقيد حرية التعبير.
ان المركز الوطني الذي بادر إلى إرسال مندوبيه والاتصال المباشر للتحقق من الوقائع سيستمر في متابعته لكلا الحالتين لحين استجلاء الحقائق كاملة بشأنهما وبما يضمن المحافظة على حقوق الإنسان والحريات الأساسية لكل فرد”، وفق بيان المركز.
يرى البعض أن مجلس النواب كان غائبا غير آبه بما جرى مؤخرا، لكن الأمر غير معمم بالنسبة للجنة الحريات التي ترأسها النائب وأمينة عام حزب حشد عبلة أبو علبة والتي نبهت إلى المخاطر والتداعيات التي حصلت مؤخرا ما يؤثر على تماسك اللحمة الداخلية ووحدة أبناء المجتمع الواحد .
وهنا تطالب لجنة الحريات جميع الجهات المعنية ذات العلاقة بالتحقيق الفوري في هذا العمل الشائن.
يذكر مراقبون أن حالة الشابين كانت واضحة بالطعن لكن ثمة تهديدات هنا وهناك قد ازدادت مؤخرا ويذكرون بحالة تهديد الناشطة توجان الفيصل عندما قررت الذهاب إلى الكرك لإلقاء محاضرة وتم تهديدها من مجهولين على باب بيتها بالسلاح.
وفي إطار هذا، دعا كتاب إلى ضرورة إحلال السلم الأمني على المواطنين، ويعتقد الكاتب الصحفي ياسر ابو هلالة إن طعن الناشطة إيناس مسلم والناشط إبراهيم الضمور جريمة نتجت عن أجواء تحريض مسموم. وهذا التحريض لم يتوقف منذ بداية الربيع العربي، وإن كان خبا مع بداية التغيير في الحكومة وفي المخابرات.
ويتابع أبو هلالة: “لا نتعب أنفسنا في البحث عن الفاعل، علينا أن ندقق في من كسر جمجمة الناشط معاذ الخوالدة في المفرق، ومن أحرق مقر حزب جبهة العمل الإسلامي على مرأى من الأمن ونهب محتوياته. وقبلها من اعتدى على مكاتب وكالة الصحافة الفرنسية. وبالمناسبة، ما هي نتائج التحقيق في أحداث ساحة النخيل التي أصيب فيها 16 صحفيا؟ التحريض باسم الهاشميين هو تحريض عليهم. البلد يمشي في الطريق الصحيحة، ويكفي ما حققه المعلمون دليلا على ذلك”.
للاطلاع على تقارير: وثائقيات حقوق الإنسان