أصبح السياسيون الكبار, ويتبعهم كثير من الكتاب يذهبون إلى القول أنّ خارطة الإصلاح تتجلى بالإسراع (بإجراء انتخابات), ووجوب إجرائها قبل نهاية عام 2012م, وأصبحوا يصورون ذلك بالفتح المبين, وكأنّه أمنية الأردنيين وسبيل خلاصهم.
إنّ مجرد إجراء الانتخابات, سواءً كان بسرعة أو ببطء هذا العام أو العام المقبل أو قبل عامين, لا يعني بحال أنّ هذا هو الإصلاح, لأنّ في ذلك استغفالا للشعب الأردني, واستغفالا للعقل والضمير!.
الأردن يشهد انتخابات منذ عشرات السنين سواء بدوائر وهمية أو حقيقية, لكن ذلك لا يقدم ولا يؤخر, والذي يجب أن يكون مفهوماً, ويجب عدم القفز عليه, أنّ النظام السياسي في الأردن يحتاج إلى إصلاح جوهري يتناول بنية النظام ومنهجية إدارة الدولة وطريقة تشكيل الحكومات.
إذا كانت المسألة بعد كلّ هذه المسيرات والاحتجاجات, والمواجهات واعتداءات البلطجية في المفرق وسلحوب وجرش وساكب وإربد وعمّان, وبعد كلّ الحوارات المكثفة, وبعد تشكيل اللجان, وحل حكومات وتشكيل حكومات, وحلّ البرلمان, وإعادة البرلمان, وخطابات وتصريحات, ومناوشات ومقابلات, يتمّ اختصار الإصلاح بمجرد (إجراء) الانتخابات, والتفضل بالوعد أن تكون نزيهة فهذا حيف وظلمٌ كبير, سوف يجعل الشعب الأردني يخرج عن طوره, وسوف يتغير المشهد السياسي, وسوف تجري الرياح بما لا تشتهي السفن, مما ينبئ بالفوضى والسير نحو المستقبل المجهول, ويتحمّل مسؤولية ذلك كلّ من أسهم في إعاقة مسيرة الإصلاح, وكل من أسهم في استغفال الشعب الأردني.
إنّ إجراء الانتخابات وبقاء الأمورعلى ما هي عليه, والاكتفاء بهذه المظاهر الشكلية السطحية, يُعدّ ذلك توجيه طعنة نجلاء للحراك الشعبي الأردني, وإفشالا للنموذج الأردني المقترح القائم على اقتراح إجراء إصلاح ديمقراطي حقيقي بطريقة سلمية هادئة وحضارية, بعيداً عن العنف والفوضى والتخريب, وهذا يعني عدم التقاط الرسالة الحضارية الذكية التي توافق عليها الأردنيون, وهنا يجب التنبيه إلى أنّ الشعب الأردني شعبٌ واعٍ وذكيّ ومسيّس, ومتقدم في تفكيره السياسي على الآخرين, وهو شعبٌ صبور, لكنّه يعتزّ بكرامته وإرادته الحرّة, ولا يحتاج إلى وصاية.
العرب اليوم