سقوط الكثير من الحواجز في حرية التعبير في الاشهر الماضية أتاح للعديد من الإعلاميين والنشطاء السياسيين في الأردن توجيه نقد غير مسبوق لسمو الأمير الحسن بعد مقابلته مع التلفزيون الأردني يوم الجمعة الماضي.
الزملاء الإعلاميون والنشطاء السياسيون الذين انتقدوا الأمير دافعوا عن الحراك الشعبي بشدة، وهذا حق لهم ولكن في حال كانت الديمقراطية تسمح بانتقاد الأمير على ما قاله فهل تمنع اي شخص في الأردن، سواء اكان أميرا أم مواطنا عاديا من انتقاد الحراك الشعبي؟ هل أصبح الحراك الشعبي مقدسا جديدا في البلاد في وقت تطير فيه كافة سقوف حرية التعبير تدريجيا؟ هذه مشكلة حقيقية، فإذا كان “الإصلاحيون” الذين يدعون أنهم قادة رأي وهم “نخبة التحول الديمقراطي” غير قادرين على تحمل نقد، فما هذا الفكر الإقصائي الذي يحملونه؟
لا أحد يريد الانتقاص من شأن الحراك الشعبي، ولكن لا يمكن السماح لمؤيدي الحراك أن ينتزعوا صكوك الوطنية من غيرهم من المواطنين الأردنيين. هنالك قيادات سياسية عريقة ونزيهة في الحراك الشعبي، وهنالك شباب ومواطنون صادقو النية في الإصلاح ويحملون شجاعة وفكرا متنورا يستحق كل الإشادة، ولكن هنالك أيضا بعض الانتهازيين والراكبين لموج الحراك الشعبي الهادفين لنشر مشاعر التعصب والكراهية والسوداوية والإقليمية والتفرقة ما بين الأردنيين وتشويه كافة المنجزات في السنوات الماضية.
لا يمكن اعتبار الحراك الشعبي جسما متجانسا لا يحتوي على أخطاء فهنالك النوايا الطيبة وهنالك الخبيثة، ومن حق كافة الاردنيين المتوجسين من النوايا الخبيثة لبعض الانتهازيين المتسلقين لشعارات الإصلاح أن يعبروا عن نقدهم ورفضهم لهذا الأسلوب
تمت تسمية من يواجهون الحراك الشعبي بالعنف بالبلطجية، ووافقنا على هذه التسمية لأن ذلك السلوك غير حضاري وغير مقبول وأن حرية التعبير يجب أن تكون مضمونة. ولكننا شهدنا الكثير من الغرور من قبل قيادات ومؤيدي الحراك الشعبي بعد ذلك في وصف منتقديهم بالعمالة للأجهزة الأمنية أو للفاسدين أو حتى بالتردد وعدم الشجاعة. هذا أصبح كثيرا، ولا بد من أن يقوم قادة الحراك الشعبي ومؤيدوهم باحترام كافة الآراء المختلفة. هم يمثلون فئة في المجتمع تحمل فكرا تغييريا وهنالك فئات كثيرة أخرى تحمل أفكارا تغييرية أخرى أو لا تحمل هذه الأفكار وتشعر بقلق على مستقبل البلاد أكثر من شعورها بضرورة المشاركة في نشاطات الحراك والموافقة على شعاراته.
إذا بات الامير الحسن، بكل ما قدمه في بناء الأردن وتحقيق التنمية فيه وبكل رصيده السياسي والإنساني عرضة للنقد من أبطال الإصلاح، فماذا سيكون مصير اي مواطن أردني بسيط يقدم هو الآخر اعتراضه. هل يتم تدريجيا صنع دكتاتورية جديدة تجعل من الحراك الشعبي وشعاراته أمرا مقدسا لا يمكن المساس به؟ إذا كان هذا هو الواقع، فعلينا أن لا نقبل به ابدا لأن الأردن “الإصلاحي” الذي نريده يجب أن يقبل كافة الآراء وحتى تلك التي تنتقد الحراك الشعبي والذي لا يملك حق مصادرة الوطنية والإصلاح من أي أحد!.
الدستور